في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ ٱلنَّاسَ شَيۡـٔٗا وَلَٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (44)

26

فإذا هم عطلوها حقت عليهم سنته التي لا تتخلف ولا تحابي ، ولقوا جزاءهم عدلاً ، ولم يظلمهم الله شيئاً :

( إن الله لا يظلم الناس شيئاً ، ولكن الناس أنفسهم يظلمون ) . .

وفي هذه الآيات الأخيرة تسرية عن رسول الله [ ص ] مما يجده في نفسه من ضيق بهذا التكذيب لما معه من الحق ، وبهذا العناد الصفيق بعد تكرار البيان والإعلام . وذلك بما يقرره له ربه من أن إباءهم الهدى لم يكن عن تقصير منه في الجهد . ولا قصور فيما معه من الحق . ولكن هؤلاء كالصم العمي . وما يفتح الآذان والعيون إلا الله . فهو شأن خارج عن طبيعة الدعوة والداعية داخل في اختصاص الله .

وفيها كذلك تحديد حاسم لطبيعة العبودية ومجالها - حتى ولو تمثلت في شخص رسول الله . فهو عبد من عباد الله لا قدرة له خارج مجال العبودية . والأمر كله لله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ ٱلنَّاسَ شَيۡـٔٗا وَلَٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (44)

ثم أخبر تعالى أنه لا يظلم أحدا شيئًا ، وإن كان قد هدى به من هدى [ من الغي ]{[14247]} ، فهو الحاكم المتصرف في ملكه بما يشاء ، الذي لا يُسْأل عما يفعل وهم يسألون ، لعلمه وحكمته وعدله ؛ ولهذا قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } وفي الحديث عن أبي ذر{[14248]} عن النبي{[14249]} صلى الله عليه وسلم ، فيما يرويه عنه ربه عز وجل : " يا عبادي ، إني حرّمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا - إلى أن قال في آخره : يا عبادي ، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نفسه " . رواه مسلم بطوله . {[14250]}


[14247]:- زيادة من ت ، أ.
[14248]:- في ت ، أ : "حديث أبي ذر".
[14249]:- في ت ، أ : "رسول الله".
[14250]:- صحيح مسلم برقم (2577).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ ٱلنَّاسَ شَيۡـٔٗا وَلَٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (44)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النّاسَ شَيْئاً وَلََكِنّ النّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : إن الله لا يفعل بخلقه ما لا يستحقون منه ، لا يعاقبهم إلا بمعصيتهم إياه ، ولا يعذّبهم إلا بكفرهم به ولَكِنّ النّاسَ يقول : ولكن الناس هم الذين يظلمون أنفسهم باجترامهم ما يورثها غضب الله وسخطه . وإنما هذا إعلام من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به ، أنه لم يسلب هؤلاء الذين أخبر جلّ ثناؤه عنهم أنهم لا يؤمنون الإيمان ابتداء منه بغير جرم سلف منهم ، وإخبار أنه إنما سلبهم ذلك باستحقاق منهم سلبه لذنوب اكتسبوها ، فحقّ عليهم قول ربهم ، وطَبَعَ على قُلوبِهِمْ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ ٱلنَّاسَ شَيۡـٔٗا وَلَٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (44)

قرأت فرقة : «ولكنْ الناس » بتخفيف «لكِن » ورفع «الناسُ » ، وقرأت فرقة «ولكنّ » بتشديد «لكنّ » ونصب «الناسَ » ، وظلم الناس لأنفسهم إنما هو بالتكسب منهم الذي يقارن اختراع الله تعالى لأفعالهم ، وعرف «لكن » إذا كان قبلها واو أن تثقل وإذا عريت من الواو أن تخفف ، وقد ينخرم هذا ، وقال الكوفيون : قد يدخل اللام في خبر «لكن » المشددة على حد دخولها في «أن » ومنع ذلك البصريون .