في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٖ} (32)

16

( هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ . من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ) . . فيوصفون هذه الصفة من الملأ الأعلى ، ويعلمون أنهم في ميزان الله أوابون ، حفيظون ، يخشون الرحمن ولم يشهدوه ، منيبون إلى ربهم طائعون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٖ} (32)

{ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ } {[27344]} أي : رجاع تائب مقلع ، { حفيظ } أي : يحفظ العهد فلا ينقضه و[ لا ]{[27345]} ينكثه .

وقال عبيد بن عمير : الأواب : الحفيظ الذي لا يجلس مجلسًا [ فيقوم ] {[27346]} حتى يستغفر الله ، عز وجل .


[27344]:- (6) في أ: (أواب حفيظ).
[27345]:- (7) زيادة من م.
[27346]:- (8) زيادة من م، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٖ} (32)

وقوله : هَذَا ما تُوعَدُونَ يقول : قال لهم : هذا الذي توعدون أيها المتقون ، أن تدخلوها وتسكنوها وقوله : لِكُلّ أوّابٍ يعني : لكل راجع من معصية الله إلى طاعته ، تائب من ذنوبه .

وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : هو المسبح ، وقال بعضهم : هو التائب ، وقد ذكرنا اختلافهم في ذلك فيما مضى بما أغني عن إعادته ، غير أنا نذكر في هذا الموضع ما لم نذكره هنالك .

حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن عطاء ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس لِكُلّ أوّابٍ قال : لكلّ مسبّح .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن مسلم الأعور ، عن مجاهد ، قال : الأوّاب : المسبح .

حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : ثني يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، قال : ثني أبي ، عن الحكم بن عُتيبة في قول الله : لِكُلّ أوّابٍ حَفِيظٍ قال : هو الذاكر الله في الخلاء .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن يونس بن خباب ، عن مجاهد لِكُلّ أوّابٍ حَفِيظٍ قال : الذي يذكر ذنوبه فيستغفر منها .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : هَذَا ما تُوعَدُونَ لِكُلّ أوّابٍ .

قال : ثنا مهران ، عن خارجة ، عن عيسى الحناط ، عن الشعبيّ ، قال : هو الذي يذكر ذنوبه في خلاء فيستغفر منها حَفِيظٍ : أي مطيع لله كثير الصلاة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : لِكُلّ أوّابٍ حَفِيظٍ قال : الأوّاب : التوّاب الذي يؤوب إلى طاعة الله ويرجع إليها .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن يونس بن خباب في قوله : لِكُلّ أوّابٍ حَفِيظٍ قال : الرجل يذكر ذنوبه ، فيستغفر الله لها .

وقوله : حَفِيظٍ اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : حفظ ذنوبه حتى تاب منها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي سنان ، عن أبي إسحاق ، عن التميمي ، قال : سألت ابن عباس ، عن الأوّاب الحفيظ ، قال : حفظ ذنوبه حتى رجع عنها .

وقال آخرون : معناه : أنه حفيظ على فرائض الله وما ائتمنه عليه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة حَفِيظٍ قال : حفيظ لما استودعه الله من حقه ونعمته .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره وصف هذا التائب الأوّاب بأنه حفيظ ، ولم يخصّ به على حفظ نوع من أنواع الطاعات دون نوع ، فالواجب أن يعمّ كما عمّ جلّ ثناؤه ، فيقال : هو حفيظ لكلّ ما قرّ به إلى ربه من الفرائض والطاعات والذنوب التي سلَفت منه للتوبة منها والاستغفار .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٖ} (32)

{ هذا ما توعدون } على إضمار القول والإشارة إلى الثواب أو مصدر { أزلفت } وقرأ ابن كثير بالياء . { لكل أواب } رجاع إلى الله تعالى ، بدل من " المتقين " بإعادة الجار . { حفيظ } حافظ لحدوده .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٖ} (32)

وقوله تعالى : { هذا ما توعدون } الآية ، يحتمل أن يكون معناه : يقال لهم في الآخرة عند إزلاف الجنة هذا هو الذي كنتم توعدون في الدنيا ، ويحتمل أن يكون المعنى خطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، أي هذا الذي توعدون به أيها الناس { لكل أواب حفيظ } . والأواب : الرجاع إلى الطاعة وإلى مراشد نفسه . وقال ابن عباس وعطاء : الأواب : المسبح لقوله : { يا جبال أوبي معه }{[10556]} [ سبأ : 10 ] . وقال الشعبي ومجاهد : هو الذي يذكر ذنوبه فيستغفر . وقال المحاسبي : هو الراجح بقلبه إلى ربه . وقال عبيد بن عمير : كنا نحدث أنه الذي إذا قام من مجلسه استغفر الله مما جرى في ذلك المجلس وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل . والحفيظ معناه : بأوامر الله فيمتثلها ، أو لنواهيه فيتركها . وقال ابن عباس : { حفيظ } لذنوبه حتى يرجع عنها .


[10556]:من الآية (10) من سورة (سبأ).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٖ} (32)

جملة { هذا ما توعدون } معترضة ، فلك أن تجعلها وحدها معترضة وما بعدها متصلاً بما قبلها فتكون معترضة بين البدل والمبدل منه وهما { للمتقين } و { لكل أواب } ، وتجعل { لكل أواب } بدلاً من { للمتقين } ، وتكرير الحرف الذي جُرّ به المبدَل منه لقصد التأكيد كقوله تعالى : { قال الذين استكبروا للذين استضعفوا } [ سبأ : 32 ] لمن آمن منهم الآية وقوله : { ولأبَوَيْه لكلّ واحد منهما السدس } [ النساء : 11 ] . واسم الإشارة المذكر مراعى فيه مجموع ما هو مشاهد عندهم من الخيرات .

والأوّاب : الكثير الأوب ، أي الرجوع إلى الله ، أي إلى امتثال أمره ونهيه .

والحفيظ : الكثير الحفظ لوصايا الله وحدوده . والمعنى : أنه محافظ على الطاعة فإذا صدرت منه فلتة أعقبها بالتوبة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٖ} (32)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول: {هذا} الخير {ما توعدون لكل أواب} مطيع {حفيظ} لأمر الله عز وجل...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"هَذَا ما تُوعَدُونَ "يقول: قال لهم: هذا الذي توعدون أيها المتقون، أن تدخلوها وتسكنوها وقوله: "لِكُلّ أوّابٍ" يعني: لكل راجع من معصية الله إلى طاعته، تائب من ذنوبه.

وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك؛ فقال بعضهم: هو المسبح، وقال بعضهم: هو التائب... قال ابن زيد، في قوله: "لِكُلّ أوّابٍ حَفِيظٍ" قال: الأوّاب: التوّاب الذي يؤوب إلى طاعة الله ويرجع إليها... عن يونس بن خباب في قوله: "لِكُلّ أوّابٍ حَفِيظٍ" قال: الرجل يذكر ذنوبه، فيستغفر الله لها.

وقوله: "حَفِيظٍ" اختلف أهل التأويل في تأويله؛ فقال بعضهم: حفظ ذنوبه حتى تاب منها...

وقال آخرون: معناه: أنه حفيظ على فرائض الله وما ائتمنه عليه...

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره وصف هذا التائب الأوّاب بأنه حفيظ، ولم يخصّ به على حفظ نوع من أنواع الطاعات دون نوع، فالواجب أن يعمّ كما عمّ جلّ ثناؤه، فيقال: هو حفيظ لكلّ ما قرّبه إلى ربه من الفرائض والطاعات والذنوب التي سلَفت منه للتوبة منها والاستغفار.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{هذا ما توعدون لكل أوّابٍ حفيظ} الأوّاب: الرّجّاع، من الأوبَة، وهي الرّجوع. فمعناه: لكل رجّاع إلى الله تعالى في كل وقت، أو رجّاع إلى أمره وطاعته...

وقوله تعالى: {حفيظ} أي يحفظ نفسه عن المعاصي والزّلاّت سرًّا وعلانيةً، والحافظ لحدوده في أوامره ونواهيه... إذ التقوى، هو الائتمار بما أمر والامتناع عمّا نهى وحَظَر، والإحسان هو العمل بجميع ما يحسُن في العقول...

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

(هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ) الأواب هو الذي اعتاد الرجوع إلى الله تعالى في كل أموره...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{هذا} أي الإزلاف والذي ترونه من كل ما يسركم {ما} أي الأمر الذي {توعدون} أي وقع الوعد لكم به في الدنيا، وعبر بالمضارع حكاية للحال الماضية...

{لكل أواب} أي رجاع إلى الاستقامة بتقوى القلب إن حصل في ظاهره عوج، فنبه بذلك على أنه من فضله لم يشترط في صحة وصفه بالتقوى دوام الاستقامة {حفيظ} أي مبالغ في حفظ الحدود وسار العهود بدوام الاستقامة والرجوع بعد الزلة،

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ثمّ تبيّن الآيات أوصاف أهل الجنّة فتقول: (هذا ما توعدون لكلّ أوّاب حفيظ)

وقد أشير في هذه الآية إلى وصفين من أوصافهم وهما «أوّاب» «وحفيظ».

وكلمة «الأوّاب»: من مادّة [أوب] على زنة ذوب ومعناها العودة، ولعلّها تعني التوبة عن الذنوب الكبيرة والصغيرة.

أو أنّها تعني العودة إلى الطاعة، ومع ملاحظة أنّ هذه الصيغة هي للمبالغة فإنّها تدلّ على أنّ أهل الجنّة رجال متّقون بحيث إنّ أيّ عامل أو مؤثّر أراد أن يبعدهم عن طاعة الله فهم يلتفتون ويتذكّرون فيرجعون إلى طاعته فوراً، ويتوبون عن معاصيهم وغفلاتهم ليبلغوا مقام «النفس المطمئنة».

«الحفيظ» معناه الحافظ، فما المراد منه؟ هل هو الحافظ لعهد الله إذ أخذه من بني آدم ألاّ يعبدوا الشيطان كما ورد في الآية (60) من سورة يس، أم هو الحافظ لحدود الله وقوانينه أو الحافظ لذنوبه والمتذكّر لها ممّا يستلزم التوبة والجبران، أو يعني جميع ما تقدّم من احتمالات؟

ومع ملاحظة أنّ هذا الحكم ورد بصورة مطلقة، فإنّ التّفسير الأخير الجامع لهذه المعاني يبدو أقرب.