السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٖ} (32)

وقوله تعالى : { هذا } أي : الإزلاف والذي ترونه من كل ما يسركم { ما } أي : الأمر الذي { توعدون } أي : وقع الوعد لكم به في الدنيا يجوز فيه وجهان :

أحدهما : أن يكون معترضاً بين البدل والمبدل منه وذلك أنّ { لكل أوّاب } أي : رجاع إلى طاعة الله تعالى بدل من المتقين بإعادة العامل .

ثانيهما : أن يكون منصوباً بقول مضمر ذلك القول منصوب على الحال أي مقولاً لهم . وقرأ ابن كثير : بالياء على الغيبة . والباقون : بالتاء على الخطاب ونسب أبو حيان قراءة الياء لابن كثير ولأبي عمرو وإنما هي لابن كثير فقط . وقال سعيد بن المسيب : الأوّاب هو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب . وقال الشعبيّ ومجاهد هو الذي يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها . وقال ابن عباس رضي الله عنهما وعطاء : هو المسبح من قوله تعالى { يا جبال أوّبي معه } [ سبأ : 10 ] وقال قتادة : هو المصلي . وقوله تعالى { حفيظ } اختلف فيه . فقال ابن عباس رضي الله عنهما : هو الذي يحفظ ذنوبه حتى يرجع عنها ويستغفر منها . وعن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً : الحفيظ لأمر الله . وقال قتادة : الحفيظ لما استودعه الله تعالى من حقه . والأوّاب والحفيظ كلاهما من باب المبالغة أي يكون كثير الأوب شديد الحفظ .