اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٖ} (32)

قوله : { هذا مَا تُوعَدُونَ } هذه الجملة يجوز فيها وجهان :

أحدهما : أن تكون معترضة بين البَدَلِ والمُبْدَلِ منه ، وذلك أن «لِكُلِّ أَوَّاب » بدل من «المتقين » بإعادة العامل{[52480]} .

والثاني : أن تكون منصوبة بقول مُضْمَرٍ ، ذلك القول منصوب على الحال أي مقولاً لهم{[52481]} . وقد تقدم في ( سُورَة ){[52482]} «ص » أنه قرئ : يُوعَدُونَ بالياء والتاء{[52483]} .

ونسب أبو حيان قراءة الياء من تحت هنا لابن كثير ، وأبي عمرو{[52484]} ، وإنما هي عن ابن كثيرٍ وَحْدَهُ .

فصل

والأواب الرَّجَّاعُ ، قيل : هو الذي يَرْجِعُ عن الذنوب إلى الاستغفار والطاعة ، قال سعيد بن المُسَيِّب : هو الذي يُذْنبُ ثم يتوب ، ثم يُذْنِبُ ثم يتوبُ . وقال الشَّعْبِيُّ ومجاهدٌ : هو الذي يذكر ذنوبهُ في الخَلاَءِ فيستغفر منها . وقال عطاء ، وابن عباس : هو المسبِّح من قوله : { يا جبال أَوِّبِي مَعَهُ } [ سبأ : 10 ] وقال قتادة : هو المصلِّي . والْحَفِيظُ : هو الذي يحفظ تَوبته من النّقص . وقال ابن عباس - ( رضي الله عنهما ){[52485]} - هو الذي يحفظ ذُنُوبَهُ حتَّى يرجع عنها ويستغفر منها . وقال ابن عباس أيضاً : الحفيظ لأمر الله ، وقال قتادة : الحفيظ لما استودعه الله من حقِّه{[52486]} . والأوَّابُ والحفيظ كلاهما من باب المبالغة أي يكون كثيرَ الأَوْبِ شديدَ الحِفْظِ .


[52480]:وهو قول الزمخشري في الكشاف 4/10.
[52481]:وهو قول أبي البقاء في التبيان 1176.
[52482]:زيادة لتوضيح السياق.
[52483]:العامة على ما توعدون للخطاب وابن كثير على الياء على الخبر، لأنه أتى بعد ذكر المتقين وانظر القرطبي 8/17، والإتحاف 398.
[52484]:البحر 8/127.
[52485]:زيادة من (أ).
[52486]:وانظر هذه الأقوال في البغوي والخازن 6/238 والقرطبي 17/20.