في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَٰهُمۡ خَلَـٰٓئِفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (73)

71

فماذا كان ?

( فكذبوه . فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف . وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا )

هكذا باختصار . نجاته هو ومن معه في الفلك - وهم المؤمنون . واستخلافهم في الأرض على قلتهم . وإغراق المكذبين على قوتهم وكثرتهم :

( فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ) . .

لينظر من ينظر ( عاقبة المنذرين ) المكذبين وليتعظ من يتعظ بعاقبة المؤمنين الناجين .

ويجعل السياق بإعلان نجاة نوح ومن معه ، لأن نوحاً والقلة المؤمنة كانوا يواجهون خطر التحدي للكثرة الكافرة . فلم تكن النتيجة مجرد هلاك هذه الكثرة ، بل كان قبلها نجاة القلة من جميع الأخطار ؛ واستخلافها في الأرض ، تعيد تعميرها وتجديد الحياة فيها ، وتأدية الدور الرئيسي فترة من الزمان .

هذه سنة اللّه في الأرض . وهذا وعده لأوليائه فيها . . فإذا طال الطريق على العصبة المؤمنة مرة ، فيجب أن تعلم أن هذا هو الطريق ، وأن تستيقن أن العاقبة والاستخلاف للمؤمنين ، وألا تستعجل وعد اللّه حتى يجيء وهي ماضية في الطريق . . واللّه لا يخدع أولياءه - سبحانه - ولا يعجز عن نصرهم بقوته ، ولا يسلمهم كذلك لأعدائه . . ولكنه يعلمهم ويدربهم ويزودهم - في الابتلاء - بزاد الطريق .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَٰهُمۡ خَلَـٰٓئِفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (73)

وقوله تعالى : { فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ } {[14337]} أي : على دينه { فِي الْفُلْكِ } وهي : السفينة ، { وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ } أي : في الأرض ، { وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ } أي : يا محمد كيف أنجينا المؤمنين ، وأهلكنا المكذبين .


[14337]:- في ت ، أ : "والذين"
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَٰهُمۡ خَلَـٰٓئِفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (73)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَكَذّبُوهُ فَنَجّيْنَاهُ وَمَن مّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ } .

يقول تعالى ذكره : فكذّب نوحا قومه فيما أخبرهم به عن الله من الرسالة والوحي ، فنجيناه ومن معه ممن حمل معه في الفلك ، يعني في السفينة ، وجَعَلْنَاهُمْ خَلاِئفَ يقول : وجعلنا الذين نجينا مع نوح في السفينة خلائف في الأرض من قومه الذين كذّبوه بعد أن أغرقنا الذين كذّبوا بآياتنا ، يعني حججنا وأدلتنا على توحيدنا ، ورسالة رسولنا نوح . يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فانظر يا محمد كيف كان عاقبة المنذرين ، وهم الذين أنذرهم نوح عقاب الله على تكذيبهم إياه وعبادتهم الأصنام ، يقول له جلّ ثناؤه : انظر ماذا أعقبهم تكذيبهم رسولهم ، فإن عاقبة من كذّبك من قومك أن تمادوا في كفرهم وطغيانهم على ربهم نحو الذي كان من عاقبة قوم نوح حين كذّبوه ، يقول جلّ ثناؤه : فليحذروا أن يحلّ بهم مثل الذي حلّ بهم إن لم يتوبوا .