في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا} (26)

ثم جولة في هذه الأرض ، وتقدير الله فيها لحياة البشر ، وإيداعها الخصائص الميسرة لهذه الحياة :

ألم نجعل الأرض كفاتا ? أحياء وأمواتا ? وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا ? ويل يومئذ للمكذبين . .

ألم نجعل الأرض كفاتا تحتضن بنيها أحياء وأمواتا .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا} (26)

{ كفاتا أحياء وأمواتا } الكفات : الموضع الذي يكتف فيه الشيء ، أي يضم ويقبض . يقال : كفت الشيء يكفته كفتا ، ضمه وقبضه ؛ فهو اسم آلة . و " أحياء وأمواتا " مفعول لفعل محذوف ؛ أي تكفت أحياء كثيرة على ظهرها ، وأمواتا كثيرة في بطنها ؛ بمعنى تجمع وتضم . وقيل : هو جمع كفت وهو الوعاء ، والأرض أوعية باعتبار أقطارها – للأحياء والأموات . و " أحياء وأمواتا " منصوبان على المفعولية ل " نجعل " بتقدير مضاف ؛ أي ذات أحياء وأموات .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا} (26)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

أليس قد جعل لكم الأرض كفاتا لكم، تدفنون فيها أمواتكم وتبثون عليها أحياءكم، وتسكنون عليها فقد كفت الموتى والأحياء.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

ألم نجعل الأرض كِفاتَ أحيائكم وأمواتكم، تَكْفِت أحياءكم في المساكن والمنازل، فتضمهم فيها وتجمعهم، وأمواتَكم في بطونها في القبور، فيُدفَنون فيها.

وجائز أن يكون عُني بقوله:"كِفاتا أحْياء وأمْوَاتا "تكفت أذاهم في حال حياتهم، وجيفهم بعد مماتهم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فإن قلت: لم قيل أحياء وأمواتاً على التنكير، وهي كفات الأحياء والأموات جميعاً؟ قلت: هو من تنكير التفخيم، كأنه قيل: تكفت أحياء لا يعدون وأمواتاً لا يحصرون على أنّ أحياء الإنس وأمواتهم ليسوا بجميع الأحياء والأموات.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

الأرض تكفت الأحياء على ظهرها، وتكفت الأموات في بطنها...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

أَحْيَاءً} في الدور، {وَأَمْوَاتًا} في القبور، فكما أن الدور والقصور من نعم الله على عباده ومنته، فكذلك القبور، رحمة في حقهم، وسترا لهم، عن كون أجسادهم بادية للسباع وغيرها.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

محلّ الامتنان هو قوله: {أحياءً} وأمَّا قوله: {وأمواتاً} فتتميم وإدماج.

{أحياء} مفعول {كِفاتاً} لأن {كفاتاً} فيه معنى الفِعل كأنه قيل كافتةً أحياءً، وقد يقولون منصوب بفعل مقدر دلّ عليه {كِفاتاً} وكل ذلك متقارب.

و {أمواتاً} عطف عليه وهو إدماج وتتميم لأن فيه مشاهدة الملازمة بين الأحياء والأموات تدلّ على أن الحياة هي المقصود من الخلقة.

وهذا تقرير لهم بالاعتراف بالأحوال المشاهدة في الأرض الدالة على تفرد الله تعالى بالإِلهية.

{أحياء} و {أمواتاً}: فائدة ذكر هذين الجَمْعين ما في معنييهما من التذكير بالحياة والموت.

وقد تصدى الكلام لإِثبات البعث بشواهد ثلاثة:

أحدها: بحال الأمم البائدة في انقراضها.

الثاني: بحال تكوين الإِنسان.

الثالث: مصير الكل إلى الأرض وفي كل ذلك إبطال لإِحالتهم وقوع البعث لأنهم زعموا استحالته فأبطلت دعواهم بإثبات إمكان البعث فإنه إذ ثبت الإِمكان بطلت الاستحالة فلم يبق إلاّ النظر في أدلة ترجيح وقوع ذلك الممكن.

وفي الآية امتنان يجعل الأرض صالحة لدفن الأموات، وقد ألهم الله لذلك ابنَ آدم حين قتَل أخاه كما تقدم ذكره في سورة المائدة، فيؤخذ من الآية وجوب الدفن في الأرض إلاّ إذا تعذر ذلك كالذي يموت في سفينة بعيدة عن مراسي الأرض أو لا تستطيع الإِرساء، أو كان الإِرساء يضر بالراكبين أو يُخاف تعفن الجثة فإنها يُرمى بها في البحر وتثقَّل بشيء لترسُب إلى غريق الماء. وعليه فلا يجوز إحراق الميت كما يفعل مَجُوس الهند، وكان يفعله بعض الرومان، ولا وضعُه لكواسر الطير كما كان يفعل مَجُوس الفرس، وكان أهل الجاهلية يتمدحون بالميت الذي تأكله السباع أو الضباع وهو الذي يموت قتيلاً في فلاة.

   
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا} (26)

فيه مسألتان :

الأولى- قوله تعالى : " ألم نجعل الأرض كفاتا " أي ضامة تضم الأحياء على ظهورها والأموات في بطنها . وهذا يدل على وجوب مواراة الميت ودفنه ، ودفن شعره وسائر ما يزيله عنه . وقوله عليه السلام : [ قصوا أظافركم وادفنوا قلاماتكم ] وقد مضى . يقال : كفت الشيء أكفته : إذا جمعته وضممته ، والكفت : الضم والجمع . وأنشد سيبويه :

كِرامٌ حين تَنْكَفِتُ الأفاعي *** إلى أجحارِهِنَّ من الصَّقِيعِ

وقال أبو عبيد : " كفاتا " أوعية . ويقال للنِّحْيِ : كفت وكفيت ، لأنه يحوي اللبن ويضمه قال :

فأنتَ اليوم فوق الأرض حَيًّا *** وأنت غداً تضُمُّكَ في كِفَاتِ

وخرج الشعبي في جنازة فنظر إلى الجبان فقال : هذه كفات الأموات ، ثم نظر إلى البيوت فقال : هذه كفات الأحياء .

والثانية- روى عن ربيعة في النباش قال تقطع يده فقيل له : لم قلت ذلك ؟ قال . إن الله عز وجل يقول : " ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا " فالأرض حرز . وقد مضى هذا في سورة " المائدة " {[15721]} . وكانوا يسمون بقيع الغرقد كفتة ، لأنه مقبرة تضم الموتى ، فالأرض تضم الأحياء إلى منازلهم والأموات في قبورهم . وأيضا استقرار الناس على وجه الأرض ، ثم اضطجاعهم عليها ، انضمام منهم إليها . وقيل : هي كفات للأحياء يعني دفن ما يخرج من الإنسان من الفضلات في الأرض ؛ إذ لا ضم في كون الناس عليها ، والضم يشير إلى الاحتفاف من جميع الوجوه . وقال الأخفش وأبو عبيدة ومجاهد في أحد قوليه : الأحياء والأموات ترجع إلى الأرض ، أي الأرض منقسمة إلى حي وهو الذي ينبت ، وإلى ميت وهو الذي لا ينبت . وقال الفراء : انتصب ، " أحياء وأمواتا " بوقوع الكفات عليه ، أي ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات . فإذا نونت نصبت ، كقوله تعالى : " أو إطعام في يوم ذي مسغبة . يتيما " [ البلد : 14 ] . وقيل : نصب على الحال من الأرض ، أي منها كذا ومنها كذا . وقال الأخفش : " كفاتا " جمع كافتة والأرض يراد بها الجمع فنعتت بالجمع . وقال الخليل : التكفيت : تقليب الشيء ظهرا لبطن أو بطنا لظهر . ويقال : انكفت القوم إلى منازلهم أي انقلبوا . فمعنى الكفات أنهم يتصرفون على ظهرها وينقلبون إليها ويدفنون فيها .


[15721]:راجع جـ 6 ص 168.

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا} (26)

ولما{[70895]} كان من المعلوم أنه حذف المفعول وهو لكم ، أبدى حالة دالة أيضاً عليه فقال-{[70896]} : { أحياء } أي-{[70897]} على ظهرها في الدور وغيرها { وأمواتاً * } أي في بطنها في القبور وغيرها كما كنتم قبل خلق آدم عليه السلام .


[70895]:من ظ، وفي الأصل و ظ: لو.
[70896]:زيد من ظ و م.
[70897]:زيد من ظ و م.