{ أم حسب الذين في قلوبهم مرض . . . } أي بل أحسب هؤلاء المنافقون الذين في قلوبهم حقد وعداوة للمؤمنين : أن لن يظهر الله أحقادهم الشديدة للرسول صلى الله عيه وسلم والمؤمنين فتبقى مستورة ؟ والاستفهام للإنكار . والأضغان : جمع ضغن ، وهو الحقد الشديد . يقال : ضغن صدره ضغنا – من باب تعب – حقد ؛ والاسم الضغن . ومنه تضاغن القوم واضطغنوا ، أن انطووا على الأحقاد .
وأصل الكلمة من الضغن " ، وهو الالتواء والاعوجاج في قوائم الدابة والقناة وكل شيء .
قوله تعالى : " أم حسب الذين في قلوبهم مرض " نفاق وشك ، يعني المنافقين . " أن لن يخرج الله أضغانهم " الأضغان ما يضمر من المكروه . واختلف في معناه ، فقال السدي : غشهم . وقال ابن عباس : حسدهم . وقال قطرب : عداوتهم ، وأنشد قول الشاعر :
قل لابن هند ما أردت بمنطق *** ساء الصديق وشيَّد الأضْغَانَا
وقيل : أحقادهم . واحدها ضغن . قال :
وذي ضِغْنٍ كففتُ النَّفْسَ عنه
وقد تقدم . وقال عمرو بن كلثوم :
وإن الضغن بعد الضغن يفشو *** عليك ويخرج الداء الدَّفِينا
قال الجوهري : الضغن والضغينة : الحقد . وقد ضغن عليه ( بالكسر ) ضغنا . وتضاغن القوم واضطغنوا : أبطنوا على الأحقاد . واضطغنت الصبي إذا أخذته تحت حضنك . وأنشد الأحمر :
أي حامله في حجره . وقال ابن مقبل :
إذا اضطغنتُ سلاحِي عند مَغرِضها *** ومِرْفَقٍ كرِئاس السيف إذ شَسَفَا{[13955]}
وفرس ضاغن : لا يعطي ما عنده من الجري إلا بالضرب . والمعنى : أم حسبوا أن لن يظهر الله عداوتهم وحقدهم لأهل الإسلام .
ولما صور سبحانه ما أثرته خيانتهم بأقبح صوره ، فبان به-{[59829]} أنه ما حملهم على ما فعلوه إلا جهلهم وسفاهتهم ، فأنتج إهانتهم بالتبكيت فقال عاطفاً على ما تقديره : أعلموا حين قالوا ما يسخطنا أنا نعلم سرهم ونجواهم ، وإن قدرتنا محيطة بهم{[59830]} ليكونوا قد وطنوا أنفسهم على أنا نظهر للناس ما يكتمونه ونأخذهم أخذاً وبيلاً فيكونوا أجهل الجهلة : { أم } حسبوا لضعف عقولهم - بما أفهمه التعبير بالحسبان - هكذا كان الأصل ، ولكنه عبر بما دل على الآفة التي أدتهم إلى ذلك فقال تعالى : { حسب الذين في قلوبهم } التي إذا فسدت فسد جميع أجسادهم { مرض } أي آفة لا طب لها {[59831]}حسباناً هو{[59832]} في غاية الثبات بما دل عليه التأكيد في قوله سبحانه وتعالى : { أن لن يخرج الله } أي يبرز من هو محيط بصفات{[59833]} الكمال للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين رضوان الله عليهم على سبيل التجديد والاستمرار { أضغانهم * } أي ميلهم وما يبطنونه في-{[59834]} {[59835]}دواخل أكشاحهم{[59836]} من اعوجاجهم الدال على أحقادهم ، وهي أنهم كاتمون عداوة في قلوبهم مصرون عليها يترقبون الدوائر لانتهاز فرصتها ، ليس الأمر كما توهموا بل الله يفضحهم ويكشف تلبيسهم .
قوله تعالى : { أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم 29 ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم 30 ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم } .
يبين الله للناس أن المنافقين لا يخفون على ربهم ، فهو سبحانه مطلع على أسرارهم وخفاياهم ، عالم بأستارهم وما تكنه صدورهم من الغل والضغينة للإسلام ولرسوله وللمسلمين . فقال سبحانه { أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم } يعني أحسب هؤلاء المنافقون الذين في قلوبهم نفاق وشك فيكيدون للإسلام ولرسوله وللمسلمين كيدا ويسرون في قلوبهم الكراهية والحسد والغل والباطل { أن لن يخرج الله أضغانهم } أضغان جمع ضغن ، وهو الحقد ، أي أحسبوا أننا لن نكشف ما تنطوي عليه قلوبهم من الكراهية والحقد والحسد للإسلام والمسلمين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.