نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخۡرِجَ ٱللَّهُ أَضۡغَٰنَهُمۡ} (29)

ولما صور سبحانه ما أثرته خيانتهم بأقبح صوره ، فبان به-{[59829]} أنه ما حملهم على ما فعلوه إلا جهلهم وسفاهتهم ، فأنتج إهانتهم بالتبكيت فقال عاطفاً على ما تقديره : أعلموا حين قالوا ما يسخطنا أنا نعلم سرهم ونجواهم ، وإن قدرتنا محيطة بهم{[59830]} ليكونوا قد وطنوا أنفسهم على أنا نظهر للناس ما يكتمونه ونأخذهم أخذاً وبيلاً فيكونوا أجهل الجهلة : { أم } حسبوا لضعف عقولهم - بما أفهمه التعبير بالحسبان - هكذا كان الأصل ، ولكنه عبر بما دل على الآفة التي أدتهم إلى ذلك فقال تعالى : { حسب الذين في قلوبهم } التي إذا فسدت فسد جميع أجسادهم { مرض } أي آفة لا طب لها {[59831]}حسباناً هو{[59832]} في غاية الثبات بما دل عليه التأكيد في قوله سبحانه وتعالى : { أن لن يخرج الله } أي يبرز من هو محيط بصفات{[59833]} الكمال للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين رضوان الله عليهم على سبيل التجديد والاستمرار { أضغانهم * } أي ميلهم وما يبطنونه في-{[59834]} {[59835]}دواخل أكشاحهم{[59836]} من اعوجاجهم الدال على أحقادهم ، وهي أنهم كاتمون عداوة في قلوبهم مصرون عليها يترقبون الدوائر لانتهاز فرصتها ، ليس الأمر كما توهموا بل الله يفضحهم ويكشف تلبيسهم .


[59829]:زيد من م ومد.
[59830]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بنا.
[59831]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: حسبانهم.
[59832]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: حسبانهم.
[59833]:زيد في الأصل: الجمال والعظمة، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59834]:زيد من ظ و م ومد.
[59835]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: داخل حشائهم.
[59836]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: داخل حشائهم.