الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخۡرِجَ ٱللَّهُ أَضۡغَٰنَهُمۡ} (29)

قوله تعالى : " أم حسب الذين في قلوبهم مرض " نفاق وشك ، يعني المنافقين . " أن لن يخرج الله أضغانهم " الأضغان ما يضمر من المكروه . واختلف في معناه ، فقال السدي : غشهم . وقال ابن عباس : حسدهم . وقال قطرب : عداوتهم ، وأنشد قول الشاعر :

قل لابن هند ما أردت بمنطق *** ساء الصديق وشيَّد الأضْغَانَا

وقيل : أحقادهم . واحدها ضغن . قال :

وذي ضِغْنٍ كففتُ النَّفْسَ عنه

وقد تقدم . وقال عمرو بن كلثوم :

وإن الضغن بعد الضغن يفشو *** عليك ويخرج الداء الدَّفِينا

قال الجوهري : الضغن والضغينة : الحقد . وقد ضغن عليه ( بالكسر ) ضغنا . وتضاغن القوم واضطغنوا : أبطنوا على الأحقاد . واضطغنت الصبي إذا أخذته تحت حضنك . وأنشد الأحمر :

كأنه مُضْطَغِنٌ صَبِيّا

أي حامله في حجره . وقال ابن مقبل :

إذا اضطغنتُ سلاحِي عند مَغرِضها *** ومِرْفَقٍ كرِئاس السيف إذ شَسَفَا{[13955]}

وفرس ضاغن : لا يعطي ما عنده من الجري إلا بالضرب . والمعنى : أم حسبوا أن لن يظهر الله عداوتهم وحقدهم لأهل الإسلام .


[13955]:المغرض: جانب البطن أسفل الأضلاع. و"رئاس السيف": مقبضه. و" الشاسف": اليابس من الضمر والهزال.