البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخۡرِجَ ٱللَّهُ أَضۡغَٰنَهُمۡ} (29)

الضغن والضغينة : الحقد . قال عمرو بن كلثوم :

فإن الضغن بعد الضغن يغشو *** عليك ويخرج الداء الدفينا

وقد ضغن بالكسر ، وتضاغن القوم وأضغنوا : بطنوا الأحقاد . وقد ضغن عليه ، وأضغنت الصبي :أخذته تحت حضنك ، وأنشد الأحمر :

كأنه مضغن صبيا

وقال ابن مقبل :

ما اضطغنت سلاحي عند معركها

وفرس ضاغن : لا يعطي ما عنده من الجري إلا بالضرب . وأصل الكلمة من الضغن ، وهو الالتواء والاعوجاج في قوائم الدابة والقناة وكل شيء . وقال بشر :

كذات الضغن تمشي في الزقاق-   -

وأنشد الليث :

إن فتاتي من صليات القناما *** زادها التثقيف إلا ضغنا

والحقد في القلب يشبه به . وقال قطرب :

والليث أضغن العداوة

قال الشاعر :

قل لابن هند ما أردت بمنطق *** نشأ الصديق وشيد الأضغانا

إخراج أضغانهم ، وهو حقودها : إبرازها للرسول والمؤمنين ؛ والظاهر أنها من رؤية البصر لعطف العرفان عليه ، وهو معرفة القلب .

واتصل الضمير في أريناكهم ، وهو الأفصح ، وإن كان يجوز الانفصال .

وفي هاتين الجملتين تقريب لشهرتهم ، لكنه لم يعينهم بأسمائهم ، إبقاء عليهم وعلى قراباتهم ، واكتفاء منهم بما يتظاهرون به من اتباع الشرع ، وإن أبطنوا خلافه .

{ ولتعرفنهم من لحن القول } : كانوا يصطلحون فيما بينهم من ألفاظ يخاطبون بها الرسول ، مما ظاهره حسن ويعنون به القبيح ، وكانوا أيضاً يصدر منهم الكلام يشعر بالاتباع ، وهم بخلاف ذلك ، كقولهم عند النصر : { إنا كنا معكم } وغير ذلك ، كقولهم : { لئن رجعنا إلى المدينة } وقوله : { إن بيوتنا عورة }