ثم . . لمسة جديدة ترتبط كذلك بالصفحة الكونية المعروضة . . اصبر وسبح واسجد . وأنت في حالة انتظار وتوقع للأمر الهائل الجلل ، المتوقع في كل لحظة من لحظات الليل والنهار . لا يغفل عنه إلا الغافلون . الأمر الذي تدور عليه السورة كلها ، وهو موضوعها الأصيل :
( واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب . يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج . إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير . يوم تشقق الأرض عنهم سراعا . ذلك حشر علينا يسير ) . .
وإنه لمشهد جديد مثير ، لذلك اليوم العسير . ولقد عبر عنه أول مرة في صورة أخرى ومشهد آخر في قوله : ( ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد . وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد . . )الخ .
{ واستمع } : أي أيها المخاطب إلى ما أقول لك .
{ يوم ينادي المناد من مكان قريب } : أي يوم ينادي إسرافيل من مكان قريب من السماء وهو صخرة بيت المقدس فيقول أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء .
وقوله { واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب } أي واستمع أيها الخاطب يوم ينادي إسرافيل من مكان قريب وهو صخرة بيت المقدس وهو مكان قريب من السماء فيقول المنادي وهو إسرافيل أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء .
{ 41-45 } { وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ }
أي : { وَاسْتَمِعْ } بقلبك نداء المنادي وهو إسرافيل عليه السلام ، حين ينفخ في الصور { مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ } من الخلق{[839]} .
قوله عز وجل : { واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب } أي : واستمع يا محمد صيحة القيامة والنشور يوم ينادي المنادي ، قال مقاتل : يعني إسرافيل ينادي بالحشر يا أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة ، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء من مكان قريب من صخرة بيت المقدس ، وهي وسط الأرض . قال الكلبي : هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً .
قوله تعالى : " واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب " مفعول الاستماع محذوف ، أي استمع النداء والصوت أو الصيحة وهي صيحة القيامة ، وهي النفخة الثانية ، والمنادي جبريل . وقيل : إسرافيل . الزمخشري : وقيل إسرافيل ينفخ وجبريل ينادي ، فينادي بالحشر ويقول : هلموا إلى الحساب فالنداء على هذا في المحشر . وقيل : واستمع نداء الكفار بالويل والثبور من مكان قريب ، أي يسمع الجميع فلا يبعد أحد عن ذلك النداء . قال عكرمة : ينادي منادي الرحمن فكأنما ينادي في آذانهم . وقيل : المكان القريب صخرة بيت المقدس . ويقال : إنها وسط الأرض وأقرب الأرض من السماء باثني عشر ميلا . وقال كعب : بثمانية عشر ميلا ، ذكر الأول القشيري والزمخشري ، والثاني الماوردي . فيقف جبريل أو إسرافيل على الصخرة فينادي بالحشر : أيتها العظام البالية ، والأوصال المتقطعة ، ويا عظاما نخرة ، ويا أكفانا فانية ، ويا قلوبا خاوية ، ويا أبدانا فاسدة ، ويا عيونا سائلة ، قوموا لعرض رب العالمين . قال قتادة : هو إسرافيل صاحب الصور .
ولما سلاه سبحانه عما يسمع منهم من التكذيب و-{[61262]} غيره من الأذى بالإقبال على عليّ حضرته والانتظار لنصرته ، أتبعه تعزية الإشارة فيها أظهر بما صوره يوم مصيبتهم وقربه حتى أنه يسمع في وقت نزول هذه الآية ما فيه لهم من المثلات وقوارع المصيبات ، تحذيراً لهم وبشرى لأوليائه بتمام تأييده عليهم ونصره لهم في الدنيا والآخرة فقال : { واستمع } أي اسمع بتعمدك للسمع بغاية جهدك بإصغاء سمعك وإقبال قلبك بعد تسبيحك بالحمد ما يقال لهم { يوم{[61263]} يناد المناد } لهم في الدنيا يوم بدر أول الأيام التي أظهر الله فيها لأوليائه مجده بالانتقام من أعدائه ، وفي الآخرة يوم القيامة في صورة{[61264]} النفخة الثانية وما بعده .
ولما كان المراد إظهار العظمة بتصوير تمام القدرة ، وكان ذلك يتحقق بإسماع البعيد من محل المنادي كما يسمع القريب سواء ، وكان القرب ملزوماً للسماع ، قال مصوراً لذلك : { من مكان } هو صخرة بيت المقدس { قريب } أي يسمع الصوت من بعد كما يسمعه من قرب ، يكونون في البقاع سواء لا تفاوت بينهم أصلاً .