قوله تعالى : { واستمع يَوْمَ يُنَادِ } هو استماع على بابه . وقيل : بمعنى الانتظار . وهو بعيد . فعلى الأول يجوز أن يكون المفعول محذوفاً ، أي استمع نِدَاءَ المنادي ، أو نداء الكافر بالوَيْل والثبور ، فعلى هذا يكون «يَوْمَ يُنَادِي » ظرفاً ل «اسْتَمِعْ » أي استمع ذلك فِي يَوْم . وقيل : استمع ما أقول لك فعلى هذا يكون «يَوْمَ يُنَادِي » مفعولاً به أي انتظر ذَلِكَ الْيَوْمَ{[52599]} .
وَوَقَفَ ابن كثير على «يُنَادِي » بالياء . والباقون دون ياء . ووجه إثباتها أنه لا مقتضي لحذفها . ووجه حذفها وقفاً اتباع الرسم وكأن الوقْفَ محلّ تخفيفٍ{[52600]} .
وأما «المنادي » فأثبت ابن كثير أيضاً ياءَه وصلاً ووقفاً . ونافع وأبو عمرو بإثباتها وصلاً وحذفها وقفاً ، وباقي السبعة بحذفهما وصلاً ووقفاً . فمن أثبت ، فلأنه الأصل ، ومن حذف فلاتباع الرسم . ومن خص الوقف بالحذف فلأنه محلّ راحة ومحلّ تغيير{[52601]} .
الأول : أن يكون مفعوله محذوفاً رأساً ، والمقصود : كُنْ مستمعاً ولا تكن مثلَ هؤلاء المُعْرِضين الغافلين ، يقال : هو رجل سَمِيعٌ مطيعٌ ، ولا يراد : مسموع بعينه .
فإن قيل : «استمع » عطف على «فَاصْبِرْ » وَ«سَبِّحْ » وهو في الدنيا ، فالاستماع{[52602]} يكون في الدنيا وما يوحى ( يكون ){[52603]} «يوم ينادي » لا يسمع في الدنيا .
فالجواب : أنه لا يلزم ذلك ، لجواز أن يقال : صَلِّ وادْخُلِ الْجَنَّةَ أي صل في الدنيا وادخل الجنة في العُقْبَى فكذا ههنا .
ويحتمل أن يكون استمع بمعنى انْتَظِرْ . ويحتمل أن يكون المراد : تَأَهَّبْ لهذه الصيحة لئلا يَفْجَأكَ فيُزْعجكَ . والمراد بالمنادي : إما الله تعالى بقوله : { احشروا الذين ظَلَمُواْ } [ الصافات : 22 ] وبقوله : { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ } أو بقوله : { أَيْنَ شُرَكَائِيَ } [ النحل : 27 ] ويحتمل أن يكون المراد بالمنادي : إسرافيل قال مقاتل : ينادي إسرافيل بالحشر يا أيتها الْعِظَامُ البالية ، والأوْصال المتقطعة ، واللحوم المتمزقة ، والشُّعور المتفرقة ، إن الله يأمركم أن تجْتَمِعُوا لفَصْل القضاء . أو يكون النداء للنفس فقال : { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى رَبِّكِ } [ الفجر : 27 - 28 ] إذْ{[52604]} ينادي المنادي هؤلاء للجنة ، وهؤلاء للنار ، ويحتمل أن يكون المنادي : هو المكلف لقوله : { وَنَادَواْ يا مالك } [ الزخرف : 77 ] . والظاهر الأول{[52605]} ؛ لأن اللام للعهد والتعريف . والمعهود السابق قوله : { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ } .
وقوله : { مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } أي لا يخفى على أحد . وقيل : منْ صَخْرَة بَيْتِ المَقْدِس وهي{[52606]} وسط الأرض . قال الكلبي : هي أَقرب الأَرض إلى السماء بثمانيةَ عَشَرَ ميلاً{[52607]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.