{ واستمع } أمر بالاستماع ، والظاهر أنه أريد به حقيقته ، والمستمع له محذوف تقديره واستمع لما أخبره به من أهوال يوم القيامة ، وبين ذلك بقوله تعالى : { يَوْمَ يُنَادِ المناد } إلى آخره ، وسلك هذا لما في الإبهام ثم التفسير من التهويل والتعظيم لشأن المخبر به ، وانتصب { يَوْم } بما دل عليه { ذَلِكَ يَوْمُ الخروج } [ ق : 42 ] أي يوم ينادي المنادى يخرجون من القبور ، وقيل : المفعول محذوف تقديره نداء المنادى ، وقيل : تقديره نداء الكافرين بالويل والثبور و { يَوْم } ظرف لذلك المحذوف ، وقيل : لا يحتاج ذلك إلى مفعول والمعنى كن مستمعاً ولا تكن غافلاً ، وقيل : معنى استمع انتظر ، والخطاب لكل سامع ، وقيل : للرسول عليه الصلاة والسلام و { يوم } منتصب على أنه مفعول به لاستمع أي أنتظر يوم ينادي المنادي فإن فيه تبين صحة ما قلته كما تقول لمن تعد بورود فتح : استمع كذا وكذا . والمنادى على ما في بعض الآثار جبريل عليه السلام بنفخ إسرافيل في الصور وينادي جبريل يا أيتها العظام النخرة والجلود المتمزقة والشعور المتقطعة إن الله يأمرك أن تجتمعي لفصل الحساب . وأخرج ابن عساكر . والواسطي في فضائل بيت المقدس عن يزيد بن جابر أن إسرافيل عليه السلام ينفخ في الصور فيقول : يا أيتها العظام النخرة إلى آخره فيكون المراد بالمنادى هو عليه السلام . وفي «الحواشي الشهابية » الأول هو الأصح { مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } هو صخرة بيت المقدس على ما روى عن يزيد بن جابر . وكعب . وابن عباس . وبريدة . وقتادة ، وهي على ما روى عن كعب أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً .
وفي «الكشاف » أنها أقرب إليها باقنين عشر ميلاً وهي وسط الأرض ، وأنت تعلم أن مثل هذا لا يقبل إلا بوحي ، ثم إن كونها وسط الأرض مما تأباه القواعد في معرفة العروض والأطوال ، ومن هنا قيل : المراد قريب ممن يناديهم فقيل : ينادي من تحت أقدامهم ، وقيل : من منابت شعورهم فيسمع من كل شعرة يا أيتها العظام النخرة الخ ، ومن الناس من قال : المراد بقربه كون النداء منه لا يخفى على أحد بل يستوي في سماعه كل أحد ، والنداء في كل ذلك على حقيقته ، وجوز أن يكون في الإعادة نظير كن في الابتداء على المشهور فهو تمثيل لإحياء الموتى بمجرد الإرادة ولا نداء ولا صوت حقيقة ، ثم إن ما ذكرناه من أن المنادي ملك وأنه ينادي بما سمعت هو المأثور ، وجوز أن يكون نداؤه بقوله للنفس : ارجعي إلى ربك لتدخلن مكانك من الجنة أو النار أو هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار ، وأن يكون المنادى هو الله تعالى ينادي { احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم } [ الصافات : 22 ] أو { أَلْقِيَا في جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } [ ق : 24 ] مع قوله تعالى : { ادخلوها بِسَلامٍ } [ ق : 34 ] أو { خُذُوهُ فَغُلُّوهُ } [ الحاقة : 30 ] أو { أَيْنَ شُرَكَائِىَ } [ النحل : 27 ] أو غير ذلك ، وأن يكون غيره تعالى وغير الملك من المكلفين ينادي { يامالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } [ الزخرف : 77 ] أو { أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الماء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله } [ الأعراف : 50 ] أو غير ذلك ، والمعول عليه ما تقدم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.