في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (3)

ثم يزيد هذا الاستهوال والاستعظام بالتجهيل ، وإخراج المسألة عن حدود العلم والإدراك : ( وما أدراك ما الحاقة ? ) . . ثم يسكت فلا يجيب على هذا السؤال . ويدعك واقفا أمام هذا الأمر المستهول المستعظم ، الذي لا تدريه ، ولا يتأتى لك أن تدريه ! لأنه أعظم من أن يحيط به العلم والإدراك !

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (3)

{ وما أدراك ما الحاقة } أي أيّ شيء أعلمك ما الحاقة . أي لا علم لك بكنهها ومدى عظمها ؛ إذ هي من الهول والشدة بحيث لا تبلغه دراية أحد ولا وهمه . وكيفما قدرت حالها فهي وراء ذلك وأعظم ! . وجملة " ما الحاقة " في محل نصب سادة مسدّ المفعول الثاني ل " أدراك " .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (3)

وما أدراك : أي شيء أعلمك ما هي ؟ .

أي شيء أعلَمَكَ بها أيّها الإنسان ! ؟ إنها فوق ما تسمعه وتراه ، وتتصوّره العقول ، فهي خارجة عن دائرةِ علومِ المخلوقات ، لعِظَم شأنها ، ومدى هولها وشدتها .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (3)

" وما أدراك ما الحاقة " استفهام أيضا ، أي أي شيء أعلمك ما ذلك اليوم . والنبي صلى الله عليه وسلم كان عالما بالقيامة ولكن بالصفة فقيل تفخيما لشأنها : وما أدراك ما هي ، كأنك لست تعلمها إذ لم تعاينها . وقال يحيى بن سلام : بلغني أن كل شيء في القرآن " وما أدراك " فقد أدراه إياه وعلمه . وكل شيء قال : " وما يدريك " فهو مما لم يعلمه . وقال سفيان بن عيينة : كل شيء قال فيه : " وما أدراك " فأنه أخبر به ، وكل شيء قال فيه : " وما يدريك " فإنه لم يخبر به .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (3)

ولما كان السياق لترجمة المراد بكشف الساق ، عظم التهويل بقوله : { وما أدراك } أي في الزمن الماضي ، وقصره لتذهب النفس فيه كل مذهب ، أي وأي شيء أعلمك بشيء من الأشياء مع تعاطيك للبحث والمداورة{[67848]} ، ثم زاد التحذير منها{[67849]} بقوله على النهج الأول مستفهماً والمراد {[67850]}به التفخيم{[67851]} ومزيد التعظيم : { ما الحاقة * } أي إنها بحيث لا يعلم كنهها أحد{[67852]} ولا يدركها{[67853]} ولا يبلغها درايته{[67854]} وكيف ما قدرت حالها{[67855]} فهي أعظم من ذلك ، فلا تعلم حق العلم إلا بالعيان .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لما بنيت سورة { ن والقلم } على تقريع{[67856]} مشركي قريش وسائر العرب وتوبيخهم وتنزيه نبي الله صلى الله عليه وسلم عن شنيع قولهم وقبيح بهتهم ، وبين حسدهم{[67857]} وعداوتهم{ وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم }[ القلم : 51 ] أتبعت بسورة الحاقة وعداً لهم وبياناً أن حالهم في سوء ذلك المرتكب قد سبق إليه غيرهم { كذبت ثمود وعاد بالقارعة } [ الحاقة : 4 ]

{ فهل ترى لهم من باقية }[ الحاقة : 8 ] { ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن }[ الأنعام : 6 ]

{ فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم{[67858]} }[ يونس : 102 ] ، و{ كم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً }[ مريم : 98 ] فسورة الحاقة جارية مجرى هذه الآي المعقب بها ذكر عناد مشركي العرب ليتعظ بها من رزق التوفيق لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية .


[67848]:- من ظ وم، وفي الأصل: المداوة.
[67849]:- من ظ وم وفي الأصل: بها.
[67850]:- من ظ وم، وفي الأصل: تفخيم أو.
[67851]:- من ظ وم، وفي الأصل: تفخيم أو.
[67852]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67853]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67854]:- من ظ وم، وفي الأصل: درايتها.
[67855]:- زيد من ظ وم.
[67856]:- من ظ وم، وفي الأصل: توزيع.
[67857]:- زيد في الأصل: بين، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67858]:- زيد في الأصل: بين، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (3)

قوله : { وما أدراك } ، ما استفهامية وهي مبتدأ . ما الثانية مبتدأ ثان ، وخبره الحاقة . والمبتدأ الثاني وخبره في موضع نصب للفعل أدراك{[4612]} .

والحاقة ، اسم من أسماء القيامة وهي يوم الحق . وقد سميت بذلك ، لأن كل إنسان حقيق بأن يجزى بعمله . فهي التي تحق فيها الأمور ويجب فيها الجزاء على الأعمال . أو لأن وقوعها حق لا شك فيه { ما الحاقة } والاستفهام معناه التفخيم والتعظيم لشأن الحاقة ، وهي الساعة ، كأن تقول : زيد ما زيد { وما أدراك ما الحاقة } يخاطب الله نبيه صلى الله عليه وسلم : وأي شيء أعلمك ما هي الحاقة وذلك تعظيم ثان لها . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم عالما بصفات القيامة .

يضاف إلى ذلك شدة الإيقاع البليغ الذي يتجلى في كلمة { الحاقة } بحرف القاف فيها ، وبمدها اللازم المثقل .

ومما يتجلى في القرآن من ظواهر الإعجاز ، ملاءمة الألفاظ فيه للمعاني من حيث الرقة واللين ، أو الفخامة والتهويل ، أو الترغيب والتحضيض ، أو الترهيب والتحريض . والحاقة بشدة وقعها على السمع والنفس تكشف لكل سامع متدبر أن أمر الساعة هائل وجلل ، وأن الخطب فيها مذهل وجسيم ومروّع .


[4612]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 456.