السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (3)

وقوله تعالى : { وما أدراك } أي : أيّ شيء أعلمك { ما الحاقة } زيادة تعظيم لشأنها ، فما الأولى مبتدأ وما بعدها خبره ، وما الثانية خبرها في محل المفعول الثاني لأدري يعني : إنك لا علم لك بكنهها ومدى عظمها على أنه من العظم والشدة بحيث لا تبلغه دراية أحد ولا وهمه ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان عالماً بالقيامة ولكن لا علم له بكنهها وصفتها ، فقيل له ذلك تفخيماً لشأنها ، كأنك لست تعلمها إذ لم تعاينها . وقال يحيى بن سلام : بلغني أن كل شيء في القرآن { وما أدراك } فقد دراه وعلمه ، وكل شيء قال : { وما يدريك } فإنه مما لم يعلمه . وقال سفيان بن عيينة : كل شيء قال فيه : { وما أدراك } فإنه أخبر به ، وكل شيء قال فيه : { وما يدريك } فإنه لم يخبر به ، وقرأ أبو عمرو وشعبة وحمزة والكسائي وابن ذكوان بخلاف عنه بالإمالة ، وورش بين اللفظين ، والباقون بالفتح .