نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (3)

ولما كان السياق لترجمة المراد بكشف الساق ، عظم التهويل بقوله : { وما أدراك } أي في الزمن الماضي ، وقصره لتذهب النفس فيه كل مذهب ، أي وأي شيء أعلمك بشيء من الأشياء مع تعاطيك للبحث والمداورة{[67848]} ، ثم زاد التحذير منها{[67849]} بقوله على النهج الأول مستفهماً والمراد {[67850]}به التفخيم{[67851]} ومزيد التعظيم : { ما الحاقة * } أي إنها بحيث لا يعلم كنهها أحد{[67852]} ولا يدركها{[67853]} ولا يبلغها درايته{[67854]} وكيف ما قدرت حالها{[67855]} فهي أعظم من ذلك ، فلا تعلم حق العلم إلا بالعيان .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لما بنيت سورة { ن والقلم } على تقريع{[67856]} مشركي قريش وسائر العرب وتوبيخهم وتنزيه نبي الله صلى الله عليه وسلم عن شنيع قولهم وقبيح بهتهم ، وبين حسدهم{[67857]} وعداوتهم{ وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم }[ القلم : 51 ] أتبعت بسورة الحاقة وعداً لهم وبياناً أن حالهم في سوء ذلك المرتكب قد سبق إليه غيرهم { كذبت ثمود وعاد بالقارعة } [ الحاقة : 4 ]

{ فهل ترى لهم من باقية }[ الحاقة : 8 ] { ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن }[ الأنعام : 6 ]

{ فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم{[67858]} }[ يونس : 102 ] ، و{ كم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً }[ مريم : 98 ] فسورة الحاقة جارية مجرى هذه الآي المعقب بها ذكر عناد مشركي العرب ليتعظ بها من رزق التوفيق لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية .


[67848]:- من ظ وم، وفي الأصل: المداوة.
[67849]:- من ظ وم وفي الأصل: بها.
[67850]:- من ظ وم، وفي الأصل: تفخيم أو.
[67851]:- من ظ وم، وفي الأصل: تفخيم أو.
[67852]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67853]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67854]:- من ظ وم، وفي الأصل: درايتها.
[67855]:- زيد من ظ وم.
[67856]:- من ظ وم، وفي الأصل: توزيع.
[67857]:- زيد في الأصل: بين، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67858]:- زيد في الأصل: بين، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.