فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (3)

ثم زاد سبحانه في تفظيع شأنها وتفخيم أمرها وتهويل حالها فقال : { وما أدارك ما الحاقة } أي أيّ شيء أعلمك ما هي ؟ أي كأنك لست تعلمها إذ لم تعاينها وتشاهد ما فيها من الأهوال فكأنها خارجة عن دائرة علم المخلوقين ، لا تبلغها دراية أحد منهم ولا وهمه .

والنبي صلى الله عليه وسلم كان عالما بالقيامة ولكن لا علم له بكنهها وصفتها فقيل له ذلك كأنه ليس عالما بها رأسا ، قال يحيى بن سلام : بلغني أن كل شيء في القرآن { وما أدارك } فقد أدراه إياه وعلمه صلى الله عليه وسلم وكل شيء قال فيه { وما يدريك } فإنه ما أخبره به .

وقال سفيان بن عيينة : كل ما في القرآن قال فيه : { وما أدراك } فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر به وكل شيء قال فيه { وما يدريك } فإنه لم يخبر به ذكره الخطيب ، وما مبتدأ وخبره أدراك و { ما الحاقة } جملة من مبتدأ وخبر محلها النصب بإسقاط الخافض أدرى يتعدى إلى المفعول الثاني بالباء كما في قوله :

{ ولا أدراكم به } فلما وقعت جملة الاستفهام معلقة له كانت في موضع المفعول الثاني وبدون الهمزة يتعدى إلى مفعول واحد بالباء نحو دريت بكذا وإن كان بمعنى العلم تعدى إلى مفعولين والجملة معطوفة على جملة ما الحاقة .