لعمارة الأرض والخلافة فيها بعدكم . والله الذي قدر الموت هو الذي قدر الحياة . قدر الموت على أن ينشئ أمثال من يموتون ، حتى يأتي الأجل المضروب لهذه الحياة الدنيا . . فإذا انتهت عند الأجل الذي سماه كانت النشأة الأخرى :
في ذلك العالم المغيب المجهول ، الذي لا يدري عنه البشر إلا ما يخبرهم به الله . وعندئذ تبلغ النشأة تمامها ، وتصل القافلة إلى مقرها .
{ على أن نبدل أمثالكم } يعني : نأتي بخلق مثلكم بدلاً منكم ، { وننشئكم } نخلقكم { في ما لا تعلمون } من الصور ، قال مجاهد : في أي خلق شئنا . وقال الحسن : أي نبدل صفاتكم فنجعلكم قردة وخنازير ، كما فعلنا بمن كان قبلكم ، يعني : إن أردنا أن نفعل ذلك ما فاتنا ذلك . وقال سعيد بن المسيب :{ في ما لا تعلمون } يعني : في حواصل طير سود ، تكون ببرهوت كأنها الخطاطيف ، وبرهوت واد باليمن .
" على أن نبدل أمثالكم " وقال الطبري : المعنى نحن قدرنا بينكم الموت " على أن نبدل أمثالكم " بعد موتكم بآخرين من جنسكم ، وما نحن بمسبوقين في آجالكم ، أي لا يتقدم متأخر ولا يتأخر متقدم . " وننشئكم في ما لا تعلمون " من الصور والهيئات . قال الحسن : أي نجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بأقوام قبلكم . وقيل : المعنى ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا ، فيجمل المؤمن ببياض وجهه ، ومقبح الكافر بسواد وجهه . سعيد بن جبير{[14659]} : قوله تعالى : " فيما لا تعلمون " يعني في حواصل طير سود تكون بِبَرهُوت كأنها الخطاطيف ، وبَرَهُوت واد في اليمن . وقال مجاهد : " فيما لا تعلمون " في أي خلق شئنا . وقيل : المعنى ننشئكم في عالم لا تعلمون ، وفي مكان لا تعلمون .
{ على أن نبدل } تبديلاً عظيماً { أمثالكم } أي صوركم وأشخاصكم لما تقدم في الشورى من أن المثل في الأصل هو الشيء نفسه { وننشئكم } أي إنشاء جديداً بعد تبديل ذواتكم { في ما لا تعلمون * } فإن بعضهم تأكله السباع أو الحيتان أو الطيور فتنشأ أبدانُها منه{[62174]} ، بعضهم يصير تراباً فربما نشأ منه نبات فأكلته الدواب ، فنشأ منه{[62175]} أبدانها ، وربما صار ترابه من معادن الأرض كالذهب والفضة والحديد والحجر ونحو ذلك ، وقد لمح إلى ذلك قوله تعالى : { قل كونوا حجارة أو حديداً {[62176]}أو خلقاً{[62177]} } إلى آخرها{[62178]} ، أو يكون المعنى كما قال البغوي{[62179]} : نأتي بخلق مثلكم بدلاً منكم ونخلقكم فيما لا تعلمون من الصور . أي بتغيير{[62180]} أوصافكم وصوركم في{[62181]} صور أخرى بالمسخ ، ومن قدر على ذلك قدر على الإعادة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.