في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن دُبُرٖ فَكَذَبَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (27)

( وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنْ الصَّادِقِينَ )

وإن كان قميصه قد من دبر فهو إذن من أثر تملصه منها وتعقبها هيله حتى الباب ، وهي كاذبة وهو صادق . وقدم الفرض الأول لأنه إن صح يقتضي صدقها وكذبه ، فهي السيدة وهذا فتى ، فمن باب اللياقة أن يذكر الفرض الأول ! والأمر لا يخرج عن أن يكون قرينة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن دُبُرٖ فَكَذَبَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (27)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين} أي: وإن كان يوسف هو الهارب منها، فأدركته فقدت قميصه من دبر، فكذبت على يوسف، ويوسف من الصادقين في قوله.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 26]

يقول تعالى ذكره: قال يوسف، لما قذفته امرأة العزيز بما قذفته من إرداته الفاحشة منها مكذّبا لها فيما قذفته به ودفعا لما نُسِب إليه: ما أنا راودتها عن نفسها، بل هي راودتني عن نفسي. وقد قيل: إن يوسف لم يرد ذكر ذلك لو لم تقذفه عند سيدها بما قذفته به...

وأما قوله: {وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها}، فإن أهل العلم اختلفوا في صفة الشاهد؛ فقال بعضهم: كان صبيّا في المهد... حدثنا الحسن بن محمد، قال: أخبرنا عفان، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرني عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «تَكَلّمَ أرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ»، فذكر فِيهمْ شاهِدَ يُوسُفَ.

وقال آخرون: كان رجلاً ذا لحية... عن عكرمة، وذكره عنده:"وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها" فقالوا: كان صبيّا، فقال: إنه ليس بصبيّ ولكنه رجل حكيم...

وقيل: معنى قوله: {وَشَهِدَ شاهِدٌ}: حكم حاكم.

حدثت بذلك عن الفراء، عن معلى بن هلال، عن أبي يحيى، عن مجاهد.

وقال آخرون: إنما عنى بالشاهد: القميص المقدود...

والصواب من القول في ذلك، قول من قال: كان صبيّا في المهد للخبر الذي ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر من تكلم في المهد، فذكر أن أحدهم صاحب يوسف. فأما ما قاله مجاهد من أنه القميص المقدود، فما لا معنى له؛ لأن الله تعالى ذكره أخبر عن الشاهد الذي شهد بذلك أنه من أهل المرأة، فقال: {وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أهْلها}، ولا يقال للقميص هو من أهل الرجل ولا المرأة.

وقوله: {إنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدّ مِنْ قُبُلً فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكاذِبِينَ}، لأن المطلوب إذا كان هاربا فإنما يؤتى من قبل دبره، فكان معلوما أن الشقّ لو كان من قُبُل لم يكن هاربا مطلوبا، ولكن كان يكون طالبا مدفوعا، وكان ذلك شهادة على كذبه...

وقوله: {فَلَمّا رأى قَمِيصَهُ قُدّ مِنْ دُبُرٍ}، خبر عن زوج المرأة، وهو القائل لها: إن هذا الفعل {من كيدكنّ}: أي صنيعكنّ، يعني: من صنيع النساء، {إن كيدكنّ عظيم}. وقيل: إنه خبر عن الشاهد أنه القائل ذلك.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

هذا لأن القميص إذا كان قد من قبل فهو إنما ينقد من دفعها عن نفسها، وإذا كان القميص مقدودا من دبر فهو إنما ينقد من جرها إياه إلى نفسها لا من دفعها إياه عن نفسها. هذا هو الظاهر في العرف. لذلك قال الشاهد (إن كان قميصه قد من قبل فصدقت) فهو من كذا (وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنْ الصَّادِقِينَ).

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{وإن كان} أي فيما يظهر لكم {قميصه} أي يوسف عليه الصلاة والسلام {قدَّ من دبر} أي من جهة ما أدبر منه، وبنى "قُدَّ "للمجهول للنزاع في القادّ {فكذبت} ولما كان كذلك كذبُها في إرادته السوء لا يعين صدقه في إرادتها له، قال: {وهو من الصادقين} لأنه لولا إدباره عنها وإقبالها عليه لما وقع ذلك، فعرف سيدها صحة ذلك بلا شبهة، لأن معنى "إن" هنا الشرط في جهة التقرير للمعنى الذي يوجب غيره لا على الشك، وقدم أمارة صدقها لأنه مما يحبه سيدها، فهو في الظاهر اهتمام بها، وفي الحقيقة تقرير لكذبها مرتين: الأولى باللزوم، والثانية بالمطابقة...