التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَإِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن دُبُرٖ فَكَذَبَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (27)

فبادر يوسف لدفع التهمة الظالمة عن نفسه فيؤكد له انه برئ أمين إذ قال : { هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي } أي هي التي ابتغتني طالبة مني الفاحشة . وما قال يوسف ذلك إلا ليدفع عن نفسه التهمة ويرد عن شخصه الطهور مقالة السوء . ولو لم تقذفه هي ظلما وبهتانا لستر يوسف ما ظهر منها من سوء الصنيع .

قوله : { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ } اختلفوا في هذا الشاهد إن كان صغيرا أو كبيرا أو كان في المهد ، لكن الظاهر أنه كان ذا قرابة من امرأة العزيز لتكون شهادته أوجب للحجة وأوثق لبراءة يوسف ، فحكم قريبها على أن قميص يوسف إن كان مشقوقا أو متخرقا من قدام فذلك يدل على صدق قولها ؛ لأنه إذا كان مقبلا عليها وهي تدفعه عن نفسها فتخرق قميصه من قدام ، أما إن كان قميصه مشقوقا من خلف ؛ فهو يعني انه هارب منها وهي لاحقة به وممسكة بقميصه من وراء فتخرق ، مما يدل على صدقه وهو أنها هي كاذبة . وهذا قوله { وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ } .