في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ يُدۡعَىٰٓ إِلَى ٱلۡإِسۡلَٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

ويبدو أن الآيات التالية في السورة جاءت على الأكثر بصدد استقبال بني إسرائيل - اليهود والنصارى - للنبي الذي بشرت به كتبهم . والتنديد بهذا الاستقبال ، وكيدهم للدين الجديد الذي قدر الله أن يظهره على الدين كله ، وأن يكون هو الدين الأخير !

فلما جاءهم بالبينات قالوا : هذا سحر مبين . ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام ? والله لا يهدي القوم الظالمين ، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ، والله متم نوره ولوكره الكافرون . هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون . .

ولقد وقف بنو إسرائيل في وجه الدين الجديد وقفة العداء والكيد والتضليل ، وحاربوه بشتى الوسائل والطرق حربا شعواء لم تضع أوزارها حتى اليوم . حاربوه بالاتهام : ( فلما جاءهم بالبينات قالوا : هذا سحر مبين ) . . كما قال الذين لا يعرفون الكتب ولا يعرفون البشارة بالدين الجديد . وحاربوه بالدس والوقيعة داخل المعسكر الإسلامي ، للإيقاع بين المهاجرين والأنصار في المدينة ، وبين الأوس والخزرج من الأنصار . وحاربوه بالتآمر مع المنافقين تارة ومع المشركين تارة . وحاربوه بالانضمام إلى معسكرات المهاجمين كما وقع في غزوة الأحزاب . وحاربوه بالإشاعات الباطلة كما جرى في حديث الإفك على يد عبدالله بن أبي بن سلول ، ثم ما جرى في فتنة عثمان على يد عدو الله عبدالله بن سبأ . وحاربوه بالأكاذيب والإسرائيليات التي دسوها في الحديث وفي السيرة وفي التفسير - حين عجزوا عن الوضع والكذب في القرآن الكريم .

ولم تضع الحرب أوزارها لحظة واحدة حتى اللحظة الحاضرة . فقد دأبت الصهيونية العالمية والصليبية العالمية على الكيد للإسلام ، وظلتا تغيران عليه أو تؤلبان عليه في غير وناة ولا هدنة في جيل من الأجيال . حاربوه في الحروب الصليبية في المشرق ، وحاربوه في الأندلس في المغرب ، وحاربوه في الوسط في دولة الخلافة الأخيرة حربا شعواء حتى مزقوها وقسموا تركة ما كانوا يسمونه " الرجل المريض " . . واحتاجوا أن يخلقوا أبطالا مزيفين في أرض الإسلام يعملون لهم في تنفيذ أحقادهم ومكايدهم ضد الإسلام . فلما أرادوا تحطيم " الخلافة " والإجهاز على آخر مظهر من مظاهر الحكم الإسلامي صنعوا في تركيا " بطلا " ! . . ونفخوا فيه . وتراجعت جيوش الحلفاء التي كانت تحتل الأستانة أمامه لتحقق منه بطلا في أعين مواطنيه . بطلا يستطيع إلغاء الخلافة ، وإلغاء اللغة العربية وفصل تركيا عن المسلمين ، وإعلانها دولة مدنية لا علاقة لها بالدين ! وهم يكررون صنع هذه البطولات المزيفة كلما أرادوا أن يضربوا الإسلام والحركات الإسلامية في بلد من بلاد المسلمين ، ليقيموا مكانه عصبية غير عصبية الدين ! وراية غير راية الدين .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ يُدۡعَىٰٓ إِلَى ٱلۡإِسۡلَٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

الإسلام : معناه هنا الاستسلام والانقياد لأمر الله .

من أشدُّ ظلماً وعدواناً ممن اختلقَ على الله الكذب ، وهو يدعو إلى الإسلام ! لقد دعاهم الرسولُ الكريم إلى نبذ الشِرك ، ودعاهم إلى الإيمان بالله وحده فلم يؤمنوا ، وأثاروا حوله الشكوك والافتراءات ، { والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين } الّذين يفترون على الله الكذب .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ يُدۡعَىٰٓ إِلَى ٱلۡإِسۡلَٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

{ وَمَنْ أظْلَمُ ممَّن افْتَرَى عَلَى اللَّهَ الكَذبَ وَهُوَ يُدْعَى إلى الإسْلاَم } أي أي الناس أشد ظلماً ممن يدعي إلى الإسلام الذي يوصله إلى سعادة الدارين فيضع موضع الإجابة الافتراء على الله عز وجل بتكذيب رسوله وتسمية آياته سحراً فإن الافتراء على الله تعالى يعم نفي الثابت وإثبات المنفي أي لا أظلم من ذلك ، والمراد أنه أظلم من كل ظالم ، وقرأ طلحة { يدعي } مضارع ادعى مبنياً للفاعل وهو ضميره تعالى ، و { يدعي } بمعنى يدعو يقال : دعاه وادعاه نحو لمسه والتمسه ، وقيل : الفاعل ضمير المفتري ، وادعى يتعدى بنفسه إلى المفعول به لكنه لما ضمن معنى الانتماء والانتساب عدي بإلى أي وهو ينتسب إلى الإسلام مدعياً أنه مسلم وليس بذاك ، وعنه { يدعي } مضارع ادعى أيضاً لكنه مبني للمفعول ، ومعناه كما سبق ، والآية فيمن كذب من هذه الأمة على ما يقتضيه ما بعد ، وهي إن كانت في بني إسرائيل الذين جاءهم عيسى عليه السلام ففيها تأييد لمن ذهب إلى عدم اختصاص الإسلام بالدين الحق الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم .

{ وَاللَّهُ لاَ يَهْدي القَوْمَ الظالمين } أي لا يرشدهم إلى ما فيه فلاحهم لسوء استعدادهم وعدم توجههم إليه .