في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة عبس مكية وآياتها ثنتان وأربعون

هذه السورة قوية المقاطع ، ضخمة الحقائق ، عميقة اللمسات ، فريدة الصور والظلال والإيحاءات ، موحية الإيقاعات الشعورية والموسيقية على السواء .

يتولى المقطع الأول منها علاج حادث معين من حوادث السيرة : كان النبي [ صلى الله عليه وسلم ] مشغولا بأمر جماعة من كبراء قريش يدعوهم إلى الإسلام حينما جاءه ابن أم مكتوم الرجل الأعمى الفقير - وهو لا يعلم أنه مشغول بأمر القوم - يطلب منه أن يعلمه مما علمه الله ، فكره رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] هذا وعبس وجهه وأعرض عنه ، فنزل القرآن بصدر هذه السورة يعاتب الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] عتابا شديدا ؛ ويقرر حقيقة القيم في حياة الجماعة المسلمة في أسلوب قوي حاسم ، كما يقرر حقيقة هذه الدعوة وطبيعتها : ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى . وما يدريك لعله يزكى . أو يذكر فتنفعه الذكرى . أما من استغنى فأنت له تصدى ! وما عليك ألا يزكى ? وأما من جاءك يسعى وهو يخشى ، فأنت عنه تلهى ? ! كلا ! إنها تذكرة ، فمن شاء ذكره ، في صحف مكرمة ، مرفوعة مطهرة ، بأيدي سفرة ، كرام بررة ) . .

ويعالج المقطع الثاني جحود الإنسان وكفره الفاحش لربه ، وهو يذكره بمصدر وجوده ، وأصل نشأته ، وتيسير حياته ، وتولي ربه له في موته ونشره ؛ ثم تقصيره بعد ذلك في أمره :

( قتل الإنسان ما أكفره ! من أي شيء خلقه ? من نطفة خلقه فقدره ، ثم السبيل يسره ، ثم أماته فأقبره ، ثم إذا شاء أنشره ، كلا ! لما يقض ما أمره ) . .

والمقطع الثالث يعالج توجيه القلب البشري إلى أمس الأشياء به وهو طعامه وطعام حيوانه . وما وراء ذلك الطعام من تدبير الله وتقديره له ، كتدبيرة وتقديره في نشأته :

( فلينظر الإنسان إلى طعامه ، أنا صببنا الماء صبا . ثم شققنا الأرض شقا ، فأنبتنا فيها حبا ، وعنبا وقضبا ، وزيتونا ونخلا ، وحدائق غلبا ، وفاكهة وأبا ، متاعا لكم ولأنعامكم ) . .

فأما المقطع الأخير فيتولى عرض( الصاخة )يوم تجيء بهولها ، الذي يتجلى في لفظها ، كما تتجلى آثارها في القلب البشري الذي يذهل عما عداها ؛ وفي الوجوه التي تحدث عما دهاها :

( فإذا جاءت الصاخة . يوم يفر المرء من أخيه ، وأمه وأبيه ، وصاحبته وبنيه ، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ، وجوه يومئذ مسفرة ، ضاحكة مستبشرة ، ووجوه يومئذ عليها غبرة ، ترهقها قترة ، أولئك هم الكفرة الفجرة ) . .

إن استعراض مقاطع السورة وآياتها - على هذا النحو السريع - يسكب في الحس إيقاعات شديدة التأثير . فهي من القوة والعمق بحيث تفعل فعلها في القلب بمجرد لمسها له بذاتها .

وسنحاول أن نكشف عن جوانب من الآماد البعيدة التي تشير إليها بعض مقاطعها مما قد لا تدركه النظرة الأولى .

1

( عبس وتولى . أن جاءه الأعمى ) . . بصيغة الحكاية عن أحد آخر غائب غير المخاطب ! وفي هذا الأسلوب إيحاء بأن الأمر موضوع الحديث من الكراهة عند الله بحيث لا يحب - سبحانه - أن يواجه به نبيه وحبيبه . عطفا عليه ، ورحمة به ، وإكراما له عن المواجهة بهذا الأمر الكريه !

/خ16

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة عبس مكية وآياتها ثنتان وأربعون ، نزلت بعد سورة النجم ، وتسمى أيضا سورة السّفرة . ولهذه السورة جو خاص ، ذلك أنها بُدئت بعتاب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، من أجل رجل أعمى جاءه يطلب أن يتعلم القرآن فيما كان عند رسول الله عدد من زعماء قريش ، يدعوهم للإسلام ويذكّرهم بأيام الله ، ويحذّرهم بطشه وجبروته ، ويعِدهم أحسن الثواب إن هم أسلموا . وكان شديد الحرص على إسلامهم ، لأنه يعلم أنه سيُسلم خلق كثير إذا هم أسلموا . فلما جاءه عبد الله بن أم مكتوم ( وهو رجل أعمى ) وألحّ بالسؤال أن يعلمه مما علّمه الله ، تضايق منه الرسول الكريم وعَبَسَ في وجهه ، وأعرض عنه ، وشُغل عنه بزعماء قريش .

وبعد العتاب الذي استغرق عشر آيات ، بيّن الله تعالى أن هذا القرآن ذكرى وموعظة لمن كان له عقل وتدبّر ما جاء فيه ، وأنه في صحف مكرّمة عالية القدر والمكانة ، منزهة عن كل نقص ، بأيدي ملائكة كرام بررة جعلهم الله سفراء بينه وبين رسله .

ثم بعد ذلك أخذت السورة تعالج جحود الإنسان وكفره الفاحش لربه ، وتذكره بمصدر وجوده وأصل نشأته من ماء مهين ، ثم كيف سيّره ربه إلى الطريق السويّ ، وعلّمه ما لم يكن يعلم ، ثم مصيره إلى الموت والبعث للحساب .

بعد ذلك يذكّره الله بتوجيهه إلى أمس الأشياء به ، وهو طعامه وشرابه . . كيف ينزل الماء من السماء ، ويُنبت به الحَبّ والفاكهة ، ويجعل الحدائق الجميلة كثيفة الأغصان ، كل ذلك له ولأنعامه التي يستعملها ويقتات بلحومها .

وتأتي الخاتمة بعرض يوم القيامة ، { فإذا جاءت الصاخّة } ونُشر الناس كالفراش المبثوث ، في ذلك اليوم يهرب المرء من أخيه وأمه وأبيه ، وزوجته وبنيه ، ويكون { لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } ويَشغله .

عبس : قطّب وجهه من ضيق الصدر .

تولّى : أعرض .

نزلت هذه السورةُ الكريمة في عبدِ الله بن أُم مكتوم ابن خالِ خديجة بنتِ خويلد رضي الله عنها ، وكان رجلاً أعمى ، ومن أول الناس إسلاما . وكان من المهاجرين الأولين والمؤذِّنَ الثاني لرسول الله ، وقد استخلفه الرسولُ الكريم على المدينة ، وكان يصلّي بالناس مرارا . وقد جاء هذا الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وعنده جماعة من زعماءِ قريش منهم : عتبة وشَيبة ابنا ربيعة ، وأبو جهلٍ عمرو بن هشام ، والعباسُ بن عبد المطلب ، وأُميةُ بن خلف ، والوليدُ بن المغيرة . وكان النبي الكريم محتفياً بهم يدعوهم إلى الإسلام ويرغّبهم فيه رجاءَ أن يُسلموا ، لأنه يعلم أنهم إذا أسلموا تَبِعَهم خَلْقٌ كثير .

فجاء ابنُ أُم مكتوم وقال : يا رسولَ الله ، أرشِدني ، وعلِّمني مما علمك الله . . وكرر ذلك وهو لا يعلم من عنده . فكره الرسولُ قَطْعَه لكلامه ، وظهر ذلك على وجهه ، إذ عَبَسَ وأعرض عنه .

وقد عاتب الله نبيَّه الكريمَ بأنّ ضَعْفَ ذلك الأعمى وفقره لا ينبغي أن يكون باعثاً على كراهةِ كلامه والإعراضِ عنه ، فإنه حيُّ القلب ذكيُّ الفؤاد ، إذا سمع الحكمةَ وعاها ، فيتطهَّرُ بها من أوضارِ الشِرك .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة عبس

مكية وآياتها ثنتان وأربعون

{ عبس } كلح ، { وتولى } أعرض بوجهه .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} (1)

مقدمة السورة:

مكية في قول الجميع ، وهي إحدى وأربعون آية .

فيه ست مسائل :

الأولى- قوله تعالى : " عبس " أي كلح بوجهه ، يقال : عبس وبسر . وقد تقدم . " وتولى " أي أعرض بوجهه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة{[1]} عبس{[2]} وتسمى الصاخة .

مقصودها{[3]} شرح " إنما أنت منذر من يخشاها " بأن المراد الأعظم تزكية القابل للخشية{[4]}بالتخويف بالقيامة التي قام الدليل على القدرة عليها بابتداء الخلق من الإنسان ، وبكل من الابتداء والإعادة لطعامه{[5]} والتعجيب ممن أعرض مع قيام الدليل ، والإشارة إلى أن الاستغناء والترف أمارة الإعراض وعدم القابلية والتهيء للكفر والفجور ، وإلى أن المصائب أمارة للطهارة والإقبال واستكانة القلوب وسمو النفوس لشريف الأعمال ، فكل من كان فيها أرسخ كان قلبه أرق وألطف فكان أخشى ، فكان الإقبال عليه أحب وأولى ، واسمها " عبس " هو الدال على ذلك بتأمل آياته وتدبر فواصله وغاياته ، / وكذا الصاخة النافخة بشرها وشررها والباخة { بسم الله } الذي له القدرة البالغة والحكمة الباهرة { الرحمن } الذي عم بنعمة{[6]} الإيجاد الظاهرة ثم بآيات البيان الزاهرة{[7]} { الرحيم* } الذي خص أولياءه بأن أتم نعمته عليهم ، فكانت بهم إلى مرضاته سائرة .

لما قصره سبحانه على إنذاره من يخشى ، وكان قد جاءه صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أم مكتوم الأعمى-{[71587]} رضي الله تعالى عنه ، وكان من السابقين ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم حين مجيئه مشتغلاً بدعاء ناس من صناديد قريش إلى الله تعالى ، وقد وجد منهم نوع لين ، فشرع عبد الله رضي الله عنه يسأله وهو لا يعلم ما هو فيه من الشغل ، يسأله-{[71588]} أن يقرئه ويعلمه مما علمه الله-{[71589]} فكره أن يقطع كلامه مع أولئك خوفاً من أن يفوته منهم ما يرجوه من إسلامهم المستتبع لإسلام ناس كثير من أتباعهم ، فكان يعرض عنه ويقبل عليهم ، وتظهر الكراهة في وجهه ، لاطفه سبحانه وتعالى بالعتاب عن التشاغل عن أهل ذلك بالتصدي لمن شأنه أن لا يخشى لافتنانه بزينة الحياة الدنيا وإقباله بكليته على ما يفنى ، فقال مبيناً لشرف الفقر{[71590]} وعلو مرتبته وفضل أهل الدين وإن هانوا ، وخسة أهل الدنيا وإن زانوا ، معظماً له صلى الله عليه وسلم بسياق الغيبة كما قال سعد بن معاذ رضي الله عنه لما حكم في بني قريظة : وعلى من ههنا - يشير إلى ناحية النبي صلى الله عليه وسلم وهو معرض عنها حياء منه صلى الله عليه وسلم وإجلالاً له : { عبس } أي فعل الذي هو أعظم خلقنا ونجله عن أن نواجهه بمثل هذا العتاب بوجهه فعل الكاره للشيء من تقطيب الوجه بما له من الطبع البشري حين يحال بينه وبين مراده ، وآذن بمدحه صلى الله عليه وسلم بأن ذلك خلاف ما طبعه عليه سبحانه من رحمة المساكين ومحبتهم والسرور بقربهم وصحبتهم بقوله-{[71591]} { وتولى * } أي كلف نفسه الإعراض عنه رجاء أن يسلم أولئك الأشراف الذين كان يخاطبهم فيتأيد بهم الإسلام ويسلم بإسلامهم أتباعهم فتعلو كلمة الله


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[5]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[6]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[7]:- في م ومد وظ: برسالته.
[71587]:زيد من ظ و م.
[71588]:زيد من ظ و م.
[71589]:زيد من ظ و م.
[71590]:من ظ، وفي الأصل و م: الفقه.
[71591]:زيد من م.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية وعدد آياتها ثنتان وأربعون . وهي يكشف عن عظيم مضمونها وروعة مدلولها تسميتها بهذا الإسم ، ليتبين من ذلك أنه ما ينبغي لمسلم أن يعبس في وجه أخيه بسبب فقره أو ذله أو هوان حاله . وإنما يراعي فيه إيمانه وآدميته وصلوحه . وعلى هذا فإن السورة هنا مبدوءة بقصة ابن أم مكتوم الأعمى . هذا الذي عبس النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه لما جاءه يسترشده ويستهديه ، وهو مشغول بالحديث إلى صناديد قريش المشركين رغبة في إسلامهم . لكن الله جل وعلا عاتب نبيه صلى الله عليه وسلم عتابا شديدا لعبوسه في وجه المؤمن المستضعف الأعمى . فما كان بذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينشغل عن إرشاد مؤمن كريم على الله ، فيتهلى عنه بمخاطبة المشركين . وفي ذلك بيان ظاهر ساطع للناس طيلة الزمن أن الإسلام لا يحابي أحدا لعلو جاهه أو سيادته أو غناه . لا يعبأ الإسلام باعتبارات الناس وموازينهم الخاطئة ومن جملتها تكريم الناس بالنظر إلى منازلهم الاجتماعية من المال أو الجاه أو الزعامة والرياسة . لا يعبأ الإسلام بشيء من ذلك البتة . إنما يراعي الإسلام مقادير الناس تبعا لتقواهم { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } ويضاف إلى هذه الحقيقة ظاهرة العلم . لا جرم أن العلم والتقوى معا ، هما ميزان الإسلام الذي تعرف به مقادير الناس واعتباراتهم ، سواء كانوا من العظماء أو الأغنياء أو الفقراء أو الأراذل ، رجالا أو نساء .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ عبس وتولى 1 أن جاءه الأعمى 2 وما يدريك لعله يزّكّى 3 أو يذّكّر فتنفعه الذكرى 4 أما من استغنى 5 فأنت له تصدى 6 وما عليك ألا يزّكّى 7 وأما من جاءك يسعى 8 وهو يخشى 9 فأنت عنه تلهّى 10 كلا إنها تذكرة 11 فمن شاء ذكره 12 في صحف مكرمة 13 مرفوعة مطهرة 14 بأيدي سفرة 15 كرام بررة } .

وسبب نزول هذه الآيات هو ابن أم مكتوم الأعمى . فقد أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام وعباس بن عبد المطلب وأبيّا بن خلف وأمية ابن خلف ، ويدعوهم إلى الله تعالى ويرجو إسلامهم . فقام ابن أم مكتوم وقال : يا رسول الله علّمني مما علمك الله . وجعل يناديه ويكرر النداء ولا يدري أنه مشتغل مقبل على غيره حتى ظهرت الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لقطعه كلامه . وقال في نفسه : يقول هؤلاء الصناديد إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد . فعبس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرض عنه وأقبل على القوم الذين يكلمهم فأنزل الله تعالى هذه الآية . فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه . وإذا رآه يقول : " مرحبا بمن عاتبني فيه ربي " {[4757]} .

قوله : { عبس وتولى } عبس ، أي كلح بوجهه أو قبضه تكرّها . من العبوس والتعبس وهو التجهم . ويوم عبوس أي شديد {[4758]} { وتولى } أي أعرض .


[4757]:أسباب النزول للنيسابوري ص 297.
[4758]:مختار الصحاح ص 409.