روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة عبس

وتسمى سورة الصاخة وسورة السفرة وسميت في غير كتاب سورة الأعمى وهي مكية بلا خلاف وآيها اثنتان وأربعون في الحجازي والكوفي وإحدى وأربعون في البصري وأربعون في الشامي والمدني الأول

ولما ذكر سبحانه فيما قبلها إنما أنت منذر من يخشاها ذكر عز وجل في هذه من ينفعه الإنذار ومن لم ينفعه فقال عز من قائل : { عَبَسَ وتولى أَن جَاءهُ الاعمى } الخ روى أن ابن أم مكتوم وهو ابن خال خديجة واسمه عمرو بن قيس بن زائدة بن جندب بن هرم بن رواحة بن حجر بن معيص بن عامر بن لؤي القرشي وقيل عبد الله بن شريح بن مالك بن أبي ربيعة الفهري والأولى أكثر وأشهر كما في «جامع الأصول » وأم مكتوم كنية أمه واسمها عاتكة بنت عبد الله المخزومية وغلط الزمخشري في جعلها في «الكشاف » جدته وكان أعمى وعمى بعد نور وقيل ولد أعمى ولذا قيل لأمه أم مكتوم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده صناديد قريش عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل والعباس بن عبد المطلب وأمية بن خلف والوليد بن المغيرة يناجيهم ويدعوهم إلى الإسلام رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم فقال يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله تعالى وكرر ذلك ولم يعلم تشاغله بالقوم فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعه لكلامه وعبس وأعرض عنه فنزلت فكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يكرمه ويقول إذا رآه مرحباً بمن عاتبني فيه ربي ويقول هل لك من حاجة واستخلفه صلى الله عليه وسلم على المدينة فكان يصلي بالناس ثلاث عشرة مرة كما رواه ابن عبد البر في الاستيعاب من أهل العلم بالسير ثم استخلف بعده أبا لبابة وهو من المهاجرين الأولين هاجر على الصحيح قبل النبي صلى الله عليه وسلم ووهم القرطبي في زعمه أنه مدني وأنه لم يجتمع بالصناديد المذكورين من أهل مكة وموته قيل بالقادسية شهيداً يوم فتح المدائن أيام عمر رضي الله تعالى عنه ورآه أنس يومئذ وعليه درع وله راية سوداء وقيل رجع منها إلى المدينة فمات بها رضي الله تعالى عنه وضمير عبس وما بعده للنبي صلى الله عليه وسلم وفي التعبير عنه عليه الصلاة والسلام بضمير الغيبة إجلال له صلى الله عليه وسلم لإيهام أن من صدر عنه ذلك غيره لأنه لا يصدر عنه صلى الله عليه وسلم مثله .