محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} (1)

مقدمة السورة:

80- سورة عبس

وتسمى الصاخبة مكية وآيها اثنتان وأربعون .

{ عبس وتولى أن جاءه الأعمى } روى ابن جرير{[7346]} وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب وكان يتصدى لهم كثيرا ويحرص عليهم أن يؤمنوا فأقبل إليه رجل أعمى يقال له عبد الله بن أم مكتوم يمشي وهو يناجيهم فجعل عبد الله يستقرىء النبي صلى الله عليه وسلم آية من القرآن وقال : يا رسول الله علمني مما علمك الله فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبس في وجهه وتولى وكره كلامه ، وأقبل على الآخرين فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم نجواه وأخذ ينقلب إلى أهله أمسك الله بعض بصره وخفق برأسه ثم أنزل الله تعالى { عبس وتولى } الآيات فلما نزل فيها ما نزل أكرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حاجتك ؟ هل تريد مني شيء ؟ وإذا ذهب من عنده قال هل لك حاجة من شيء " ؟ .

قال ابن كثير وهكذا ذكر عروة بن الزبير ومجاهد وأبو مالك وقتادة ، والضحاك ، وابن زيد وغير واحد من السلف والخلف أنها نزلت في ابن أم مكتوم والمشهور أن اسمه عبد الله ويقال عمرو والله أعلم انتهى .

وقال الرازي أجمع المفسرون على أن الذي عبس وتولى هو الرسول صلوات الله عليه وأجمعوا أن الأعمى هو ابن أم مكتوم قال الشهاب وهو مكي قرشي من المهاجرين الأولين .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستخلفه على المدينة في أكثر غزواته وكان ابن خال خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها .

قيل عمي رضي الله عنه بعد نور وقيل ولد أعمى ولذا لقبت أمه أم مكتوم والتعرض لعنوان عماه إما لتمهيد عذره في الإقدام على قطع كلامه صلى الله عليه وسلم وتشاغله بالقوم وإما لزيادة الإنكار كأنه قيل تولى لكونه أعمى وكان يجب أن يزيده لعماه تعطفا وترؤفا وتقريبا وترحيبا .


[7346]:انظر الصفحة رقم 51 من الجزء الثلاثين (طبعة الحلبي الثانية).