في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

57

وبمناسبة ذكر النار يلمع السياق إلى نار الآخرة : ( نحن جعلناها تذكرة )تذكر بالنار الأخرى . . كما جعلناها ( متاعا للمقوين ) . . أي للمسافرين . وكان لهذه الإشارة وقعها العميق في نفوس المخاطبين ، لما تمثله في واقع حياتهم من مدلول حي حاضر في تجاربهم وواقعهم .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

تذكرة : تذكيرا موعظة .

متاعا : منفعة .

للمقْوين : للفقراء الذين ينزلون بالقفر ، أقوى الرجلُ : افتقر ، ونزل بالقفر ، ونفد طعامه . ويقال للمسافرين والمستمتعين : المقوون أيضا .

نحن جعلنا هذه النار تذكرةً وتبصِرة لكم تذكّركم بالبعث لتعلموا أن من أخرجَ من الشجر الأخضر ناراً قادرٌ على إعادة الحياة مرة أخرى . ولقد جعلنا في النار منفعةً لمن ينزلون في المفاوز والصحارى من المسافرين ، ولمن يحتاج إليها في كل مكان . . فاذكروا ذلك واعتبروا منه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

قوله تعالى : { أم نحن المنشئون نحن جعلناها } خلقناها يعني نار الدنيا ، { تذكرة } للنار الكبرى إذا رآها الرائي ذكر جهنم ، قاله عكرمة ومجاهد ومقاتل . وقال عطاء : موعظة يتعظ بها المؤمن .

أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي ، أنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أنبأنا أبو مصعب عن مالك ، عن أبي الزناد عن الأعرج ، عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم ، قالوا : يا رسول الله إن كانت لكافية ، قال : فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً " . { ومتاعاً } بلغة ومنفعة . { للمقوين } المسافرين ، والمقوي : النازل في الأرض والقي والقواء هو : القفر الخالية البعيدة من العمران ، يقال : قوت الدار إذا خلت من سكانها . والمعنى : ينتفع بها أهل البوادي والأسفار ، فإن منفعتهم بها أكثر من منفعة المقيم وذلك أنهم يوقدون بها ليلاً لتهرب منهم السباع ويهتدي بها الضلال وغير ذلك من المنافع ، هذا قول أكثر المفسرين . وقال مجاهد وعكرمة : { للمقوين }يعني : للمستمتعين بها من الناس أجمعين ، المسافرين والحاضرين ، يستضيئون بها في الظلمة ويصطلون من البرد ، وينتفعون بها في الطبخ والخبز . قال الحسن : بلغة للمسافرين ، يتبلغون بها إلى أسفارهم ، يحملونها في الخرق والجواليق . وقال ابن زيد : للجائعين ، تقول العرب : أقويت منذ كذا وكذا ، أي : ما أكلت شيئاً . قال قطرب : المقوي من الأضداد ، يقال للفقير : مقو لخلوه من المال ، وللغني : مقو ، لقوته على ما يريد ، يقال : أقوى الرجل إذا قويت دوابه وكثر ماله وصار إلى حالة القوة . والمعنى أن فيها متاعاً للأغنياء والفقراء جميعاً لا غنى لأحد عنها .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

{ نحن جعلناها تذكرة } يتذكر بها نار جهنم { ومتاعا } ومنفعة { للمقوين } للمسافرين

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

" نحن جعلناها تذكرة " يعني نار الدنيا موعظة للنار الكبرى ، قال قتادة . ومجاهد : تبصرة للناس من الظلام . وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ) فقالوا يا رسول الله : أن كانت لكافية ، قال : ( فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها ) . " ومتاعا للمقوين " قال الضحاك : أي منفعة للمسافرين ، سموا بذلك لنزولهم القوى وهو القفر . الفراء : إنما يقال للمسافرين : مقوين إذا نزلوا القِيّ وهي الأرض القفر التي لا شيء فيها . وكذلك القَوَى والقَوَاء بالمد والقصر ، ومنزل قَوَاء لا أنيس به ، يقال : أقوت الدار وقويت أيضا أي خلت من سكانها ، قال النابغة :

يا دارَ مَيَّة بالعلياءِ فالسنَدِ *** أَقْوِتْ وطال عليها سالفُ الأمد

وقال عنترة :

حُيِّيتَ من طللٍ تقادم عهدُه *** أقوى وأقفر بعد أمِّ الهيثم

ويقال : أقوى أي قوي وقوي أصحابه ، وأقوى إذا سافر أي نزل القواء والقي . وقال مجاهد : " للمقوين " المستمتعين بها من الناس أجمعين في الطبخ والخبز والاصطلاء والاستضاءة ، ويتذكر بها نار جهنم فيستجار بالله منها . وقال ابن زيد : للجائعين في إصلاح طعامهم . يقال : أقويت منذ كذا وكذا ، أي ما أكلت شيئا ، وبات فلان القَوَاء وبات القفر إذا بات جائعا على غير طعم ، قال الشاعر{[14671]} :

وإني لأختارُ القَوَى طَاوِي الحَشَى *** محافَظَةً من أن يقال لئيم

وقال الربيع والسدي : " المقوين " المنزلين الذين{[14672]} لا زناد معهم ، يعني نارا يوقدون فيختبزون بها ؟ ورواه العوفي عن ابن عباس . وقال قطرب : المقوي من الأضداد يكون بمعنى الفقير ويكون بمعنى الغني ، يقال : أقوى الرجل إذا لم يكن معه زاد ، وأقوى إذا قويت دوابه وكثر ماله . المهدوي : والآية تصلح للجميع ؛ لأن النار يحتاج إليها المسافر والمقيم والغني والفقير . وحكى الثعلبي أن أكثر المفسرين على القول الأول . القشيري : وخص المسافر بالانتفاع بها ؛ لأن انتفاعه بها أكثر من منفعة المقيم ؛ لأن أهل البادية لا بد لهم من النار يوقدونها ليلا لتهرب منهم السباع ، وفي كثير من حوائجهم .


[14671]:هو حاتم طي.
[14672]:زيادة من ب.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

{ نحن جعلناها تذكرة } أي : تذكر بنار جهنم .

{ ومتاعا للمقوين } المتاع ما يتمتع به ويحتمل المقوين أن يكون من الأرض القواء وهي الفيافي ومعنى المقوين الذين دخلوا في القواء ولذلك عبر ابن عباس عنه بالمسافرين ويحتمل أن يكون من قولهم أقوى المنزل إذا خلا فمعناه : الذين خلت بطونهم أو موائدهم من الطعام ولذلك عبر بعضهم عنه بالجائعين .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

ولما كان الجواب قطعاً : أنت وحدك ، قال دالاًّ على ذلك تنبيهاً على عظم هذا الخبر : { نحن } أي خاصة { جعلناها } بما اقتضته عظمتنا ، وقدم من منافعها ما هو أولى بسياق البعث الذي هو مقامه فقال : { تذكرة } أي شيئاً تتذكرونه {[62213]}وتتذكرون{[62214]} به تذكراً عظيماً جليلاً عن{[62215]} كل ما أخبرنا به من البعث وعذاب النار الكبرى وما ينشأ فيها من شجرة الزقوم {[62216]}وغير ذلك{[62217]} مما ننيره لأولي البصائر والفهوم من العلوم ، قال ابن برجان : فوزان قدح الزناد من الشجر ، والزناد وزان الصيحة بهم ووزان إنشائه الأجسام وزان إنشائه الشجرة النار ، ويتذكر بإنشائها في الشجر إنشاء الحياة في الأجسام وبإنشائها من غيبها أن النار الكبرى في غيب ما نشاهده ، وهذا من آثار كونها في الجو - انتهى . وعلق بها سبحانه كثيراً من أسباب المعاش التي لا غنى عنها ليكون مذكراً لهم بما أوقدوا به حاضراً دائماً فيكون أجدر باتعاظهم { ومتاعاً } أي إنشاءً وبقاءً وتعميراً ونفعاً وإيصالاً إلى غاية المراد من الاستضاءة والاصطلاء والإنضاج والتحليل والإذابة والتعقيد والتكليس ، وهروب السباع وغير ذلك ، والمراد أنها سبب لجميع ذلك { للمقوين } أي الجياع الذين أقوت بطونهم - أي خلت - من الفقر والإغناء من النازلين بالأرض{[62218]} القواء ، والقواء بالكسر والمد أي القفر الخالية المتباعدة الأطراف البعيدة من العمران ، وكل آدمي مهيأ للقواء فهو موصوف به وإن لم يكن حال الوصف كذلك ، وقال الرازي : أقوى من الأضداد : اغتنى وافتقر ، وقال أبو حيان{[62219]} : وهذه الأربعة التي ذكرها الله تعالى ووقفهم عليها من أمر خلقهم وما به قوام عيشهم من المطعوم والمشروب ، والنار من أعظم الدلائل على البعث إذ فيها انتقال من شيء إلى شيء إحداث شيء من شيء ، ولذلك أمر في آخرها بتنزيهه - انتهى .


[62213]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62214]:- سقط من ظ.
[62215]:- سقط من ظ.
[62216]:- من ظ، وفي الأصل: غيرك.
[62217]:- من ظ، وفي الأصل: غيرك.
[62218]:- من ظ، وفي الأصل: بأرض.
[62219]:- راجع البحر المحيط 8/ 212.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

{ نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين }

{ نحن جعلناها تذكرة } لنار جهنم { ومتاعاً } بُلْغَةٌ { للمقوين } للمسافرين من أقوى القوم : أي صاروا بالقوا بالقصر والمد أي القفر وهو مفازة لا نبات فيها ولا ماء .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

{ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ ( 73 ) }

نحن جعلنا ناركم التي توقدون تذكيرًا لكم بنار جهنم ومنفعة للمسافرين .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

قوله : { نحن جعلناها تذكرة } أي جعلنا هذه النار التي تورونها في الدنيا { تذكرة } أي تذكر الناس بالنار الكبرى وهي نار جهنم . فقد أنيط بنار الدنيا أكثر أسباب الحياة والمعاش ، فهي بذلك حاضرة للناس ينظرون إليها في كل حين فيتذكرون نار جهنم ليعتبروا ويتعظوا ، أو ليتذكر الناس عظيم قدرة الله وأنه لا يعز عليه إحياء الموتى وبعث الناس من قبورهم ليلاقوا الحساب يوم القيامة .

قوله : { ومتاعا للمقوين } من القواء والقي ، بكسر القاف ، يعني قفر الأرض . وأقوات الدار أي خلت من أهلها{[4449]} . أي وجعلناها منفعة للمسافرين الذين ينزلون القواء وهي الأرض القفر ، أو للذين خلت بطونهم من الطعام فجاعوا . وقيل : للمقوين يعني المستمتعين من الناس أجمعين سواء فيهم الحاضر أو المسافر ، فالجميع محتاجون للنار من أجل الطبخ والاصطلاء والاستضاءة والاستئناس وغير ذلك من وجوه المنافع .


[4449]:القاموس المحيط ص 1710.