في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

ثم أودع نفسه خصائص القدرة على إدراك الخير والشر ، والهدى والضلال ، والحق والباطل : ( وهديناه النجدين )

. . ليختار أيهما شاء ، ففي طبيعته هذا الاستعداد المزدوج لسلوك أي النجدين . والنجد الطريق المرتفع . وقد اقتضت مشيئة الله أن تمنحه القدرة على سلوك أيهما شاء ، وأن تخلقه بهذا الازدواج طبقا لحكمة الله في الخلق ، وإعطاء كل شيء خلقه ، وتيسيره لوظيفته في هذا الوجود .

وهذه الآية تكشف عن حقيقة الطبيعة الإنسانية ؛ كما أنها تمثل قاعدة " النظرية النفسية الإسلامية " هي والآيات الأخرى في سورة الشمس : ( ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها . قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها )[ وسنرجئ عرضها بشيء من التفصيل إلى الموضع الآخر في سورة الشمس لأنه أوسع مجالا ] .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

النَّجدَين : طريقَي الخير والشر ، والنجد : المرتفع من الأرض .

بيّنا له طريقَ الخير والشر ليختارَ أيهما شاء ، ففي طبيعته هذا الاستعدادُ المزدوج لسلوك أيّ النجدين . .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

شرح الكلمات :

{ وهديناه النجدين } : أي بيّنا له طريق الخير وطريق الشر بما فطرناه عليه من ذلك وبما أرسلنا به رسلنا وأنزلنا به كتبنا .

المعنى :

{ وهديناه النجدين } ثم هديناه النجدين أي بيّنا له طريق الخير والشر والسعادة والشقاء بما أودعنا في فطرته وبما أرسلنا به رسلنا وأنزلنا به كتبنا أنسي هذا كله وتعامى عنه ثم هو ينفق ما أعطيناه في حرب رسولنا وديننا .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

{ وهديناه النجدين } يقول ألم نعرفه طريق الخير وطريق الشر

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

يعني الطريقين : طريق الخير وطريق الشر . أي بيناهما له بما أرسلناه من الرسل . والنجد . الطريق في ارتفاع . وهذا قول ابن عباس وابن مسعود وغيرهما . وروى قتادة قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( يا أيها الناس ، إنما هما النجدان : نجد الخير ، ونجد الشر ، فلم نجعل نجد الشر أحب إليك من نجد الخير ) . وروي عن عكرمة قال : النجدان : الثديان . وهو قول سعيد بن المسيب والضحاك ، وروي عن ابن عباس وعلي رضي الله عنهما ؛ لأنهما كالطريقين لحياة الولد ورزقه . فالنجد : العلو ، وجمعه نجود ، ومنه سميت " نجد " ، لارتفاعها عن انخفاض تهامة . فالنجدان : الطريقان العاليان . قال امرؤ القيس :

فريقان منهم{[16077]} جَازِعٌ بطنَ نخلةٍ *** وآخرُ منهم قاطعٌ نجدَ كَبْكَبِ


[16077]:كذا في الأصل وديوان امرئ القيس: وفي اللسان (مادة نجد): غداة غدوا فسالك بطن نخلة * والجازع: القاطع. وبطن نخلة: موضع بين مكة والطائف. وكبكب: الجبل الأحمر الذي تجده بظهرك إذا وقفت بعرفة.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

ولما كان لله تعالى على كل أحد في كل لمحة منة جديدة في إبقاء هذه الآلات الثلاث ، عبر فيها بالمضارع ، ولما كانت النعمة في العقل إنما هي بهبته أولاً ثم بحمله به على الخير ثانياً ، وكان أمره خفياً ، وكان من المعلوم أن كل أحد غير مهدي في كل حركاته وسكناته إلى ما يسعده ، بل كان هذا المنكر عليه لم يؤهل لطريق الخير ، اختير له لفظ الماضي لذلك تحقيقاً لكونه وجعله غريزة لا تتحول وطبيعة لا تتبدل ، بل هي غالبة على صاحبها ، قائدة إلى مضارة أو محابة ومسارة وإن كره ، وهو السبب الذي يكون به الخلاص من شر تلك الأنكاد في دار الإسعاد فقال تعالى : { وهديناه } أي بما آتيناه من العقل { النجدين * } أي طريقي الخير والشر ، وصار بما جعلناه له من ذلك سميعاً بصيراً عالماً فصار موضعاً للتكليف ، روى الطبراني عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" يا أيها الناس ! هلموا إلى ربكم فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ، يا أيها الناس إنما هما نجدان : نجد خير ونجد شر ، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير " قال المنذري : النجد هنا الطريق - انتهى . وهو طريق في ارتفاع ، عبر عن الخير والشر به لإعلائهما الإنسان عن رتبة باقي الحيوان ، ولأن الإنسان لا يختار واحدة منهما إلا بمعاناة وتكلف كمعاناة من يصعد في عقبة ، والنجد لغة الموضع العالي ، والله تعالى يعلي من أراد على ما شاء منهما بخلاف ما كان يقتضيه ظاهر حاله من أنه لا يحب تكلف شيء أصلاً ، ولا يريد الأشياء تأتيه إلا عفواً ، وذلك لأجل إظهار قدرته سبحانه وتعالى ، أما صعوبة طريق الخير فبما حفه به من المكاره حتى صار العمل به ، مع أن كل أحد يعشق اسمه ومعناه ، أشد شيء وأصعبه ، وأشقه وأتعبه ، وأما صعوبة طريق الشر فواضحة جداً مع أن الله يلزمه لمن أراد بتسهيله وتحبيبه وتخفيفه وتقريبه مع أن كل أحد يكره اسمه وينفر من معناه ، وجعل الله تعالى الفطرة الأولى السليمة التي فطر الناس عليها من الاستقامة بحيث تدرك الشر وتنهى عنه ، وتدرك الخير وتأمر به ، غير أن الشهوات والحظوظ تعالجها ، والغالب من أعانه الله ، وإلى ذلك يشير حديث " إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " وحديث " البر ما اطمأنت إليه النفس وانشرح له الصدر ، والإثم ما حاك في الصدر وتردد في القلب وإن أفتاك الناس وأفتوك " .