( ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ) . . ووضعنا عنك عبئك الذي أثقل ظهرك حتى كاد يحطمه من ثقله . . وضعناه عنك بشرح صدرك له فخف وهان . وبتوفيقك وتيسيرك للدعوة ومداخل القلوب . وبالوحي الذي يكشف لك عن الحقيقة ويعينك على التسلل بها إلى النفوس في يسر وهوادة ولين .
ألا تجد ذلك في العبء الذي أنقض ظهرك ? ألا تجد عبئك خفيفا بعد أن شرحنا لك صدرك ?
{ الذي أنقض ظهرك } : أي الذي أثقل ظهرك حيث كان يشعر صلى الله عليه وسلم بثقل السنين التي عاشها قبل النبوة لم يعبد فيها الله تعالى بفعل محابه وترك مكارهه لعدم علمه بذلك .
حقيقة فإِنه كان يشعر بحمل ثقيل من جراء ترك العبادة والتقرب إلى الله تعالى في وقت ما قبل النبوة ونزول الوحي عليه إذ عاش عمرا أربعين سنة لم يعرف فيها عبادة ولا طاعة لله ، أما مقارفة الخطايا فقد كان محفوظا بحفظ الله تعالى له فلم يسجد لصنم ولم يشرب خمرا ولم يقل أو يفعل إثما قط . فقد شق صدره وهو طفل في الرابعة من عمره وأخرجت منه العلقة التي هي محطة الشيطان التي ينزل بها من صدر الإِنسان ويوسوس بالشر للإِنسان .
" الذي أنقض ظهرك " أي أثقله وأوهنه . قال : وإنما وصفت ذنوب الأنبياء بهذا الثقل ، مع كونها مغفورة ، لشدة اهتمامهم بها ، وندمهم منها ، وتحسرهم عليها . وقال السدي : " ووضعنا عنك وزرك " أي وحططنا عنك ثقلك . وهي في قراءة عبد الله بن مسعود " وحططنا عنك وقرك{[16170]} " . وقيل : أي حططنا عنك ثقل آثام الجاهلية . قال الحسين بن المفضل : يعني الخطأ والسهو . وقيل : ذنوب أمتك ، أضافها إليه لاشتغال قلبه بها . وقال عبد العزيز بن يحيى وأبو عبيدة : خففنا عنك أعباء النبوة والقيام بها ، حتى لا تثقل عليك . وقيل : كان في الابتداء يثقل عليه الوحي ، حتى كاد يرمي نفسه من شاهق الجبل ، إلى أن جاءه جبريل وأراه نفسه ، وأزيل عنه ما كان يخاف من تغير العقل . وقيل : عصمناك عن احتمال الوزر ، وحفظناك قبل النبوة في الأربعين من الأدناس ، حتى نزل عليك الوحي وأنت مطهر من الأدناس .
{ الذي أنقض ظهرك } عبارة عن ثقل الوزر المذكور وشدته عليه قال الحارث المحاسبي : إنما وصفت ذنوب الأنبياء بالثقل وهي صغائر مغفورة لهم لهمهم بها وتحسرهم عليها ، فهي ثقيلة عندهم لشدة خوفهم من الله ، وهي خفيفة عند الله ، وهذا كما جاء في الأثر : إن المؤمن يرى ذنوبه كالجبل يقع عليه والمنافق يرى ذنوبه كالذبابة تطير فوق أنفه . واشتقاق ( أنقض ظهرك ) من نقض البنيان وغيره ، أو من النقيض وهو الصوت ، فكأنه يسمع لظهره نقيض كنقيض ما يحمل عليه شيء ثقيل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.