ورداً على قولتهم المنكرة يجيء التهديد المناسب :
( فلنذيقن الذين كفروا عذاباً شديداً ، ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون . ذلك جزاء أعداء الله النار ، لهم فيها دار الخلد ، جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون ) .
وسرعان ما نجدهم في النار . وسرعان ما نشهد حنق المخدوعين ، الذين زين لهم قرناؤهم ما بين أيديهم وما خلفهم ، وأغروهم بهذه المهلكة التي انتهى إليها مطافهم :
ولما أبلغ سبحانه في الترهيب من عقابهم ، زاد في تعظيمه وفضله لطفاً لمن أراد هدايته من عباده وإقامة الحجة على غيرهم فقال : { ذلك } أي الجزاء الأسوأ العظيم جداً { جزاء } ولما كانت عداوة من لا يطاق آمراً زائد العظمة ، نبه على ذلك بصرف الكلام عن مظهرها إلى أعظم منه فقال : { أعداء الله } أي الملك الأعظم ، لأنهم ما كانوا يفعلون ما دون الأسوأ إلا عجزاً عنه لأن جبلتهم تقتضي ذلك ، وبينه بقوله : { النار } وفصل بعض ما فيها بقوله : { لهم فيها } أي النار { دار الخلد } أي المحل المحيط بهم الدائر من غير علم من زاوية أو غيرها يعرف به خصوص موضع منه ، مع إيذانه بالدوام واللزوم وعدم الانفكاك ، أو هو على التجريد بمعنى : هي لهم دار خلود كما كان لهم في الدنيا دار سرور بمعنى أنها كانت لهم نفسها دار لهو وغرور .
ولما كانوا على أعمالهم التي استحقوا بها هذا العذاب مصرين إصراراً يمتنع انفكاكهم عنه ، زاد حسناً قوله : { جزاء } أي وفاقاً { بما كانوا } أي جبلة وطبعاً ، ورد الكلام إلى مظهر العظمة المقتضي للنكال فقال : { بآياتنا } أي على ما لها من العظمة { يجحدون * } أي ينكرون عناداً من غير مراعاة لعلوها في نفسها ولا علوها بنسبتها إلينا ، فلأجل جحودهم كانوا يقدمون على ما لا يرضاه عاقل من اللهو وغيره .
{ ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون }
{ ذلك } العذاب الشديد وأسوأ الجزاء { جزاء أعداء الله } بتحقيق الهمزة الثانية وإبدالها واواً { النار } عطف بيان للجزاء المخبر به عن ذلك { لهم فيها دار الخلد } أي إقامة لا انتقال منها { جزاءً } منصوب على المصدر بفعله المقدر { بما كانوا بآياتنا } القرآن { يجحدون } .
قوله : { ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ } { النَّارُ } مرفوع على أنه بدل من جزاء .
أو خبر لمبتدأ محذوف وتقديره هو النار{[4057]} يعني هذا الجزاء الذي يجزون به هو جزاء أعداء الله ، ثم بيَّن جزاءهم على أنه النار { لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ } أي لهؤلاء المشركين المكذبين دار الخلد في النار فهم ماكثون لابثون لا يبرحون { جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } أي فعلنا بهم ما فعلناه من مجازاتهم النار جزاء منا بجحودهم وتكذيبهم بما جاءهم من الآيات والحجج .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.