قوله تعالى : «ذَلِكَ » فيه وجهان :
أحدهما : أنه مبتداً و «جزاء » خبره .
والثاني : أنه خبر مبتدأ محذوف أي : الأمر ذلك { جزاء أَعْدَاءِ الله النار } جملة مستقلة مبنيةٌ للجملة قبلها{[48784]} .
( قوله ){[48785]} : «النار » فيه ثلاثة أوجه{[48786]} :
أحدها : أنها بدل من «جزاء » وفيه نظر ؛ إذ البدل يحل محلّ المبدل منه فيصير التقدير ذلك النار{[48787]} .
الثاني : أنه خبر مبتدأ مضمر{[48788]} .
الثالث : أنه مبتدأ و{ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ } الخبر ، و«دَارُ » يجوز ارتفاعها بالفاعليَّة{[48789]} أو الابتداء{[48790]} .
وقوله : { فِيهَا دَارُ الخُلْدِ } يقتضي أن يكون «دار الخلد » غير النار ، وليس كذلك بل النار هي نفس دار الخلد . وأجيب عن ذلك : بأنه قد يجعل الشيء ظرفاً لنفسه باعتبار متعلَّقه على سبي المبالغة ، لأن ذلك المتعلق صار مستقراً له ، وهو أبلغ من نسبة المتعلق إليه على سبيل الإخبار به عنه . ومثله قول الآخر :
4365 . . . . . . . . . . . . . . . *** وَفيِ اللهِ إنْ لَمْ تُنْصِفُوا حَكَمٌ عَدْلُ{[48791]}
وقوله تعالى : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [ الأحزاب : 21 ] والرسول هو نفس الأسوة . كذا أجابوا{[48792]} . وفيه نظر ؛ إذ الظاهر وهو معنى صحيح منقول أن في النار داراً تسمى دار الخلد ، والنار محيطة بها{[48793]} .
قوله : «جزاء » في نصبه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه منصوب بفعل مقدر ، وهو مصدر مؤكد ، أي يجزون جزاءً .
الثاني : أن يكون منصوبا بالمصدر الذي قبله ، وهو جزاء أعداء الله . والمصدر ينصب بمثله كقوله { فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً } [ الإسراء : 63 ] .
الثالث : أن ينتصب على أنه مصدر واقع موقع الحال و«بِمَا » متعلق «بجزاء » الثاني إن لم يكن مؤكداً وبالأول إن كان ( مؤكداً ){[48794]} و«بِآيَاتِنَا » متعلق بيجحدون{[48795]} .
لما قال : { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الذي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ فصلت : 27 ] بين أن ذلك الأسوأ الذي جعل جزاء أعداء الله هو النار ، ثم قال : { لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ } ، أي لهم في جملة النار دارٌ معينة ، وهي دار العذاب الخلد ، { جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون } أي يبلغون في القراءة ، وسماه لآمنوا به فاستخرجوا ( تلك ){[48796]} الطريقة الفاسدة وذلك يدل على أنهم علموا كونه معجزاً وأنهم جحدوا حسداً{[48797]} .
قال الزمخشري : «أي{[48798]} بما كانوا يلغون ، فذكر الجحود ؛ لأنه سبب اللَّغو » انتهى .
يعني أنه من باب إقامة السبب مقام المسبَّب ، وهو مجاز سائغٌ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.