روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{ذَٰلِكَ جَزَآءُ أَعۡدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُۖ لَهُمۡ فِيهَا دَارُ ٱلۡخُلۡدِ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (28)

{ ذلك } إِشارة إلى ما ذكر من الجزاء وهو مبتدأ وقوله تعالى : { جَزَاء أَعْدَاء الله } خبره أي ما ذكر من الجزاء جزاء معد لأعدائه تعالى ، وقوله سبحانه : { النار } عطف بيان لجزاء أو بدل أو خبر لمبتدأ محذوف .

وجوز أن يكون ذلك خبر مبتدأ محذوف أي الأمر ذلك و { جَزَاء } مبتدأ و { النار } خبره ، والإشارة حينئذٍ إلى مضمون الجملة السابقة ، وقوله تعالى : { لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ } جملة مستقلة مقررة لما قبلها ، وجوز أن يكون { النار } مبتدأ وهذه الجملة خبره أي هي بعينها دار إقامتهم على أن في للتجريد كما قيل : في قوله تعالى : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [ الأحزاب : 21 ] وقول الشاعر

: وفي الله إن لم ينصفوا حكم عدل *** وهو أن ينتزع من أمر ذي صفة آخر مثله مبالغة فيها ، وجوز أن يقال : المقصود ذكر الصفة والدار إنما ذكرت توطئة فكأنه قيل : لهم فيها الخلود ، وقيل : الكلام على ظاهره والظرفية حقيقية ، والمراد أن لهم في النار المشتملة على الدركات دار مخصوصة هم فيها خالدون والأول أبلغ .

/ { جَزَاء أَعْدَاء الله النار لَهُمْ } منصوب بفعل مقدر أي يجزون جزاءً أو بالمصدر السابق فإن المصدر ينتصب بمثله كما في قوله تعالى : { فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاء مَّوفُورًا } [ الإسراء : 63 ] والباء الأولى متعلقة بجزاء والثانية بيجحدون قدمت عليه لقصد الحصر الإضافي مع ما فيه من مراعاة الفواصل أي بسبب ما كانوا يجحدون بآياتنا الحقة دون الأمور التي ينبغي جحودها ، وجعل بعضهم الجحود مجازاً عن اللغو المسبب عنه أي جزاءً بما كانوا بآياتنا يلغون .