السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ذَٰلِكَ جَزَآءُ أَعۡدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُۖ لَهُمۡ فِيهَا دَارُ ٱلۡخُلۡدِ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (28)

{ ذلك } أي : الجزاء الأسوأ العظيم جداً { جزاء أعداء الله } أي : الملك الأعظم ، ثم بينه بقوله تعالى : { النار } وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو في الوصل بإبدال الهمزة الثانية المفتوحة واواً خالصة ، والباقون بتحقيقهما ، وأما الابتداء بالثانية فالجميع بالتحقيق ، ثم فصّل بعض ما في النار بقوله تعالى : { لهم فيها } أي : النار { دار الخلد } أي : فإنها دار إقامة ، قال الزمخشري : فإن قلت ما معنى قوله : { لهم فيها دار الخلد } قال : قلت : إن النار في نفسها دار الخلد كقوله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } ( الأحزاب : 21 ) أي : الرسول هو نفس الأسوة .

وقال البيضاوي : هو كقولك في هذه الدار دار سرور يعني بالدار عينها على أن المقصود هو الصفة قال ابن عادل : في هذا نظر إذ الظاهر وهو معنى صحيح منقول أن في النار داراً تسمى دار الخلد والنار محيطة بها وهذا أولى ، وقوله تعالى : { جزاءً } منصوب بالمصدر الذي قبله وهو { جزاء أعداء الله } والمصدر ينصب بمثله كقوله تعالى : { فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفوراً } ( الإسراء : 63 ) { بما كانوا بآياتنا } أي : على ما لنا من العظمة { يجحدون } أي : يلغون في القراءة وسماه جحداً لأنهم لما علموا أن القرآن بالغ إلى حد الإعجاز خافوا من أنه لو سمعه الناس لآمنوا فاستخرجوا تلك الطريقة الفاسدة ، وذلك يدل على أنهم علموا كونه معجزاً وأنهم جحدوا حسداً .