في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلۡإِنسَٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَكۡرَمَنِ} (15)

" فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه ، فيقول : ربي أكرمن . وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول : ربي أهانن " . .

فهذا هو تصور الإنسان لما يبتليه الله به من أحوال ، ومن بسط وقبض ، ومن توسعة وتقدير . . يبتليه بالنعمة والإكرام . بالمال أو المقام . فلا يدرك أنه الابتلاء ، تمهيدا للجزاء . إنما يحسب هذا الرزق وهذه المكانة دليلا على استحقاقه عند الله للإكرام ، وعلامة على اصطفاء الله له واختياره . فيعتبر البلاء جزاء والامتحان نتيجة ! ويقيس الكرامة عند الله بعرض هذه الحياة !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلۡإِنسَٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَكۡرَمَنِ} (15)

ابتلاه . اختبره بكثرة الرزق .

وبعد أن بيّن سبحانه أنه لا يفوته شيء من شأن عباده ، وأنه سيحاسِبهم ويجازيهم ، ذكَر هنا طبيعة الإنسان الذي يَبْطَر عند الرخاء ويقنط من رحمة ربه عند الضرّاء فقال :

{ فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابتلاه رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ ربي أَكْرَمَنِ } .

فأما الإنسان إذا ما اختبَره ربُّه فأنعم عليه ووسّع له في الرزق والجاه ، فيقول مغترًّا بذلك : ربّي فضّلني لأني أستَحِقّ هذا كلَّه .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلۡإِنسَٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَكۡرَمَنِ} (15)

قوله تعالى : " فأما الإنسان " يعني الكافر . قال ابن عباس : يريد عتبة بن ربيعة وأبا حذيفة بن المغيرة . وقيل : أمية بن خلف . وقيل : أبي بن خلف . " إذا ما ابتلاه ربه " أي امتحنه واختبره بالنعمة . و " ما " : زائدة صلة . " فأكرمه " بالمال . " ونعمه " بما أوسع عليه . " فيقول ربي أكرمني " فيفرح بذلك ولا يحمده .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلۡإِنسَٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَكۡرَمَنِ} (15)

{ فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه } الابتلاء هو الاختبار ، واختبار الله لعبده لتقوم الحجة على العبد بما يبدو منه وقد كان الله عالما بذلك قبل كونه والإنسان هنا جنس ، وقيل : نزلت في عتبة بن ربيعة وهي مع ذلك على العموم فيمن كان على هذه الصفة ، وذكر الله في هذه الآية ابتلاءه للإنسان بالخير ثم ذكر بعده ابتلاءه بالشر كما قال في : { ونبلوكم بالشر والخير } [ الأنبياء : 35 ] وأنكر عليه قوله حين الخير : { ربي أكرمن } وقوله حين الشر : { ربي أهانني } ويتعلق بالآية سؤالان :

السؤال الأول : لم أنكر الله على الإنسان قوله ربي أكرمني وربي أهانني ؟ والجواب من وجهين : أحدهما : أن الإنسان يقول : ربي أكرمني على وجه الفخر بذلك والكبر لا على وجه الشكر ، ويقول ربي أهانني على وجه التشكي من الله وقلة الصبر والتسليم لقضاء الله ، فأنكر عليه ما يقتضيه كلامه من ذلك فإن الواجب عليه أن يشكر على الخير ويصبر على الشر .

والآخر : أن الإنسان اعتبر الدنيا فجعل بسط الرزق فيها كرامة وتضييقه إهانة وليس الأمر كذلك فإن الله قد يبسط الرزق لأعدائه ويضيقه على أوليائه فأنكر الله عليه اعتبار الدنيا والغفلة عن الآخرة وهذا الإنكار من هذا الوجه على المؤمن وأما الكافر فإنما اعتبر الدنيا لأنه لا يصدق بالآخرة ويرى أن الدنيا هي الغاية فأنكر عليه ما يقتضيه كلامه من ذلك .

السؤال الثاني : إن قيل : قد قال الله { فأكرمه } فأثبت إكرامه فكيف أنكر عليه قوله : { ربي أكرمن } ؟ فالجواب من ثلاثة أوجه :

الأول : أنه لم ينكر عليه ذكره للإكرام وإنما أنكر عليه . ما يدل عليه كلامه من الفخر وقلة الشكر أو من اعتبار الدنيا دون الآخرة حسبما ذكرنا في معنى الإنكار .

الثاني : أنه أنكر عليه قوله : { ربي أكرمن } إذا اعتقد أن إكرام الله له باستحقاقه للإكرام على وجه التفضل والإنعام كقول قارون : { إنما أوتيته على علم من عندي } .

الثالث : أن الإنكار إنما هو لقوله : { ربي أهانن } لا لقوله : { ربي أكرمن } فإن قوله : { ربي أكرمن } اعتراف بنعمة الله وقوله : { ربي أهانن } شكاية من فعل الله .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلۡإِنسَٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَكۡرَمَنِ} (15)

ولما ذكر سبحانه أن عادة هؤلاء الفرق كانت الطغيان ، وذكر أن عادة الرب سبحانه فيمن تولى وكفر أنه يعذبه كما هدد به آخر تلك ، ودل على ذلك بما شوهد في الأمم ، وعلل ذلك بأنه لا يغفل ، ذكر عادة الإنسان من حيث هو من غير تقييد بهؤلاء الفرق عن الابتلاء في حالي السراء والضراء ، فقال مشيراً إلى جواب ما كانت الكفار تقوله من أنهم آثر عند الله من المسلمين لا يساعد عليهم في الدنيا وتقلل الصحابة رضي الله عنهم من الدنيا مسبباً عما مضى عطفاً على ما تقديره : هذه كانت عادة هؤلاء الأمم وعادة الله فيهم : { فأما الإنسان } أي الذي أودع الحجر ليعقل هذه الأقسام وما يراد منه من اعتقاد المقسم عليه بها وجبل على النسيان والأنس بنفسه والمحبة لها والرضى عنها .

ولما كان المقصود التعريف بحاله عند الابتداء ، قدم الظرف الدال على ذلك على الخبر فقال : { إذا } وأكد الأمر بالنافي فقال { ما ابتلاه } أي عامله معاملة المختبر بأن خالطه بما أراد مخالطة تميله وتحيله { ربه } أي الذي أبدعه وأحسن إليه بما يحفظ وجوده ليظهر شكره أو كفره { فأكرمه } أي بأن جعله عزيزاً بين الناس وأعطاه ما يكرمونه به من الجاه والمال { ونعمه * } أي بأن جعله متلذذاً مترفاً بما أعطاه غير تعبان - بسببه { فيقول } سروراً بذلك وافتخاراً : { ربي } أي الموجد لي والمدبر لأمري { أكرمن * } أي فيظن أن ذلك عن استحقاق فيرتفع به