فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَأَمَّا ٱلۡإِنسَٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَكۡرَمَنِ} (15)

لما ذكر سبحانه أنه بالمرصاد ذكر ما يدلّ على اختلاف أحوال عباده عند إصابة الخير وعند إصابة الشرّ ، وأن مطمح أنظارهم ومعظم مقاصدهم هو الدنيا فقال : { فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابتلاه رَبُّهُ } أي امتحنه واختبره بالنعم { فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ } أي أكرمه بالمال ووسع عليه رزقه { فَيَقُولُ رَبّي أَكْرَمَنِ } فرحاً بما نال وسروراً بما أعطي ، غير شاكر لله على ذلك ولا خاطر بباله أن ذلك امتحان له من ربه ، واختبار لحاله وكشف لما يشتمل عليه من الصبر والجزع والشكر للنعمة وكفرانها ، و«ما » في قوله : { إِذَا مَا } زائدة . وقوله : { فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ } تفسير للابتلاء . ومعنى : { أَكْرَمَنِ } أي فضلني بما أعطاني من المال وأسبغه عليّ من النعم لمزيد استحقاقي لذلك وكوني موضعاً له ، والإنسان مبتدأ ، وخبره { فَيَقُولُ رَبّي أَكْرَمَنِ } ودخلت الفاء فيه لتضمن أما معنى الشرط والظرف المتوسط بين المبتدأ والخبر ، وإن تقدّم لفظاً فهو مؤخر في المعنى : أي فأما الإنسان فيقول ربي أكرمني وقت ابتلائه بالإنعام . قال الكلبي : الإنسان هو الكافر أبيّ بن خلف . وقال مقاتل : نزلت في أمية بن خلف ، وقيل : نزلت في عتبة بن ربيعة ، وأبي حذيفة بن المغيرة .