في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن لَّن يُبۡعَثُواْۚ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبۡعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلۡتُمۡۚ وَذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (7)

والمقطع الثالث بقية للمقطع الثاني يحكي تكذيب الذين كفروا بالبعث - وظاهر أن الذين كفروا هم المشركون الذين كان الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يواجههم بالدعوة - وفيه توجيه للرسول أن يؤكد لهم أمر البعث توكيدا وثيقا . وتصوير لمشهد القيامة ومصير المكذبين والمصدقين فيه ؛ ودعوة لهم إلى الإيمان والطاعة ورد كل شيء لله فيما يقع لهم في الحياة :

زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا . قل بلى وربي لتبعثن ، ثم لتنبئون بما عملتم . وذلك على الله يسير . فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا . والله بما تعملون خبير . يوم يجمعكم ليوم الجمع ، ذلك يوم التغابن ، ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ، ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا . ذلك الفوز العظيم . والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير . ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ، ومن يؤمن بالله يهد قلبه ، والله بكل شيء عليم ، وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين . الله لا إله إلا هو ، وعلى الله فليتوكل المؤمنون . .

ومنذ البدء يسمي مقالة الذين كفروا عن عدم البعث زعما ، فيقضي بكذبه من أول لفظ في حكايته . ثم يوجه الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] إلى توكيد أمر البعث بأوثق توكيد ، وهو أن يحلف بربه . وليس بعد قسم الرسول بربه توكيد : ( قل : بلى وربي لتبعثن ) . . ( ثم لتنبئون بما عملتم ) . . فليس شيء منه بمتروك . والله أعلم منهم بعملهم حتى لينبئهم به يوم القيامة ! ( وذلك على الله يسير ) . . فهو يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم السر والعلن وهو عليم بذات الصدور . وهو على كل شيء قدير . كما جاء في مطلع السورة تمهيدا لهذا التقرير .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن لَّن يُبۡعَثُواْۚ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبۡعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلۡتُمۡۚ وَذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (7)

زعم فلان كذا : ادّعى علمه بحصوله ، وأكثر ما يُستعمل الزعم للادّعاء الباطل .

في الآيات السابقة ذكر اللهُ إنكار المشركين للألوهية ، ثم إنكارهم للنبوة ، وبيّن ما لقيَه المنكرون وما سيلقون . وهنا يبين إنكارهم للبعث والجزاء ، فقل لهم يا محمد : ليس الأمر كما زعمتم ، إني أُقسم بربي لتُبعَثُنَّ بعد الموت ، ولَتُجزَوْنَ بما عملتم في الدنيا وتحاسَبون عليه ، { وَذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ } ، فهو كما خَلَقَكم سيُعيدكم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن لَّن يُبۡعَثُواْۚ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبۡعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلۡتُمۡۚ وَذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (7)

{ 7 } { زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }

يخبر تعالى عن عناد الكافرين ، وزعمهم الباطل ، وتكذيبهم بالبعث بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ، فأمر أشرف خلقه ، أن يقسم بربه على بعثهم ، وجزائهم بأعمالهم الخبيثة ، وتكذيبهم بالحق ، { وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } فإنه وإن كان عسيرًا بل متعذرًا بالنسبة إلى الخلق ، فإن قواهم كلهم ، لو اجتمعت{[1114]}  على إحياء ميت [ واحد ] ، ما قدروا على ذلك .

وأما الله تعالى ، فإنه إذا أراد أمرًا فإنما يقول له كن فيكون ، قال تعالى : { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ } .


[1114]:- كذا في ب، وفي أ: اجتمعوا.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن لَّن يُبۡعَثُواْۚ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبۡعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلۡتُمۡۚ وَذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (7)

ثم أخبر عن إنكارهم البعث فقال جل ذكره : { زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل } يا محمد ، { بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير* }

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن لَّن يُبۡعَثُواْۚ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبۡعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلۡتُمۡۚ وَذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (7)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن لَّن يُبۡعَثُواْۚ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبۡعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلۡتُمۡۚ وَذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (7)

ولما قرر وجوب الإيمان به وبرسله وكتبه وبالقدر{[65747]} خيره وشره{[65748]} ، وقسم الناس إلى مؤمن وكافر ، وأخبر أن الكافر تكبر عن الرسل ، عين الموجب الأعظم لكفرهم بقوله دالاً على وجوب الإيمان بالبعث وترك القياس والرأي فإن عقل الإنسان لا يستقل ببعض أمور الإلهية ، معبراً بما أكثر إطلاقه {[65749]}على ما{[65750]} يشك فيه ويطلق على الباطل إشارة إلى أنهم شاكون وإن كانوا جازمين ، لكونهم لا دليل لهم ، وإلى أنهم في نفس الأمر مبطلون : { زعم } قال ابن عمر رضي الله عنهما : هي كنية الكذب{[65751]} ، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه عند أبي داود{[65752]} : " بئس مطية الرجل زعموا " { الذين كفروا } أي أوقعوا الستر لما دلت عليه العقول من وحدانية الله تعالى ولو على أدنى الوجوه .

ولما كان الزعم ادعاء العلم وكان مما يتعدى إلى مفعولين ، أقام سبحانه مقامهما قوله : { أن لن يبعثوا } أي من باعث ما بوجه من الوجوه . ولما كان قد أشار سبحانه بنوعي المؤمن والكافر إلى الدليل القطعي الضروري على وجود المبطل اللازم منه ودعه اللازم منه وجوب البعث ، اكتفى في الأمر بإجابتهم بقوله{[65753]} : { قل } أي لهم : { بلى } أي لتبعثن ، ثم أكده بصريح القسم فقال : { وربى } أي المحسن إليّ بالانتقام ممن كذب بي ، وبإحقاق كل حق أميت ، وإبطال كل باطل أقيم { لتبعثن } مشيراً ببنائه للمفعول إلى أنه ويكون على وجه القهر لهم بأهون شيء وأيسر أمر وكذلك{[65754]} قوله : { ثم لتنبؤن } أي لتخبرن{[65755]} حتماً إخباراً عظيماً ممن يقيمه الله لإخباركم { بما عملتم } للدينونة عليه . وشرح بعض ما أفاده بناء الفعلين للمجهول بقوله : { وذلك } أي الأمر العظيم عندكم من البعث والحساب { على الله } أي المحيط بصفات الكمال وحده { يسير * } لقبول المادة وحصول القدرة ، وكون قدرته سبحانه كذلك شأنها ، نسبة الأشياء الممكنة كلها جليلها وحقيرها إليها على حد سواء .


[65747]:- في م: كله وما بين الرقمين ساقط من ظ.
[65748]:- في م: كله وما بين الرقمين ساقط من ظ.
[65749]:- من م، وفي الأصل وظ: بما.
[65750]:- من م، وفي الأصل وظ: بما.
[65751]:-أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الأدب.
[65752]:- راجع كتاب الأدب وأخرجه ابن المبارك في الزهد ص: (127).
[65753]:- زيد من ظ وم.
[65754]:- من ظ وم، وفي الأصل: كذا.
[65755]:- من ظ وم، وفي الأصل: تخبرون.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن لَّن يُبۡعَثُواْۚ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبۡعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلۡتُمۡۚ وَذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (7)

قوله تعالى : { زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربيّ لتبعثن ثم لتنبّؤن بما عملتم وذلك على الله يسير 7 فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير 8 يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفّر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم 9 والذين كفروا وكذبوا بآيتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير } .

يخبر الله عن عتوّ الكافرين ، إذ جحدوا القيامة وكذّبوا بالبعث والحساب وأنكروا إحياء الموتى وبعثهم من قبورهم بعد أن كانوا رفاتا . وهو قوله : { زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا } الزعم ، ادعاء العلم . وقيل : كنية الكذب قولهم : زعموا . فقد زعم الكافرون - من غير حجة ولا برهان إلا الظن والتخريص والهذيان - أن لن يبعثهم الله ليوم القيامة وأن الساعة غير قائمة { قل بلى وربيّ لتبعثن } بلى ، لإيجاب النفي . أو هي إثبات لما بعد ، لن وهو البعث . أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بالبعث : بلى تبعثون - مقسما على ذلك بربه . يعني : بلى وربي لتخرجن من قبوركم أحياء { ثم لتنبّؤن بما عملتم } أي لتخبرن بأعمالكم التي قدمتموها في الدنيا { وذلك على الله يسير } أي إحياؤكم وبعثكم من قبوركم للحساب والجزاء ، أمر يسير على الله ، فإن الله لا يعز عليه أن يفعل في الخلق ما يشاء .