وِلدان مخلدون : دائمون في بهائهم وحسنهم .
ثم بين أوصافَ السقاةِ الذين يطوفون عليهم بذلك الشراب فقال :
{ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } .
ويطوف على هؤلاء الأبرار من أهل الجنة ولدان يظلّون على ما هم عليه : من الشباب والنضارة والحُسن ، منظرُهم مبهج مفرح ، وإذا رأيتَ جماعةً منهم حسبتَهم لحُسنِ ألوانهم ونضارة وجوههم ورشاقتهم في الخدمة كأنهم لؤلؤ منثور .
قوله تعالى : " ويطوف عليهم ولدان مخلدون " بين من الذي يطوف عليهم بالآنية ، أي ويخدمهم ولدان مخلدون ، فإنهم أخف في الخدمة . ثم قال : " مخلدون " أي باقون على ما هم عليه من الشباب والغضاضة والحسن ، لا يهرمون ولا يتغيرون ، ويكونون على سن واحدة على مر الأزمنة . وقيل : مخلدون لا يموتون . وقيل : مسورون مقرطون ، أي محلون والتخليد التحلية . وقد تقدم{[15691]} هذا . " إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا " أي ظننتهم من حسنهم وكثرتهم وصفاء ألوانهم : لؤلؤا مفرقا في عرصة المجلس ، واللؤلؤ إذا نثر على بساط{[15692]} كان أحسن منه منظوما . وعن المأمون أنه ليلة زفت إليه بوران بنت الحسن بن سهل ، وهو على بساط منسوج من ذهب ، وقد نثرت عليه نساء دار الخليفة اللؤلؤ ، فنظر إليه منثورا على ذلك البساط فاستحسن المنظر وقال : لله در أبي نواس كأنه أبصر هذا حيث يقول :
كأن صُغرى وكُبرى من فَقَاقِعِهَا *** حَصْبَاءُ دَرٍّ على أرضٍ من الذهب
وقيل : إنما شبههم بالمنثور ؛ لأنهم سراع في الخدمة ، بخلاف الحور العين إذ شبههن باللؤلؤ المكنون المخزون ؛ لأنهن لا يمتهن بالخدمة .
قوله : { ويطوف عليهم ولدان مخلدون } يبين في ذلك أن الخدم الذين يطوفون على المؤمنين في الجنة صغار الأسنان فهم { ولدان مخلدون } أي شباب غضاض ، باقون على حال واحدة من النضرة والحسن ، فهم لا يهرمون ولا يشيبون ولا يكبرون وإنما هم مستديمون على حالهم من الغضاضة وحسن الصّباحة . والولدان أجدر أن يكونوا خادمين للأبرار في الجنة . فهم في ذلك أنفع وأطوع وأسرع من كبار السن الذين لا يمضون أو يسعون في الغالب إلا في تثاقل .
قوله : { إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا } يعني إذا نظرت إليهم في الجنة ظننتهم ، في حسن صورهم وجمال هيئاتهم وكثرتهم أنهم لؤلؤ مبثوث مفرق في مجالس الجنة ومواضعها . وقد شبههم باللؤلؤ لبياضهم ونقائهم وصفاء ألوانهم وحسن صباحتهم والولد الوضيء الصبيح في جمال فطرته وبراءة طبعه وصباحة وجهه وطلعته لا جرم يثير في نفس الناظر فيضا من الرحمة والرّقة والبهجة والتحنان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.