في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ} (32)

انطلقوا . وإنكم لتعرفون إلى أين ! وتعرفونها هذه التي تنطلقون إليها . فلا حاجة إلى ذكر اسمها . . ( إنهاترمي بشرر كالقصر . كأنه جمالة صفر ) . . فالشرر يتتابع في حجم البيت من الحجر . [ وقد كان العرب يطلقون كلمة القصر على كل بيت من حجر وليس من الضروري أن يكون في ضخامة ما نعهد الآن من قصور ] فإذا تتابع بدا كأنه جمال صفر ترتع هنا وهناك ! هذا هو الشرر فكيف بالنار التي ينطلق منها الشرر ? !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ} (32)

بشررٍ كالقصر : إن جهنم ترمي بشرر من النار كل واحدة كالقصر الكبير .

حيث ترمي بشررٍ عظيم كل واحدة كالقصر الكبير .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ} (32)

{ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ } وهي السود التي تضرب إلى لون فيه صفرة ، وهذا يدل على أن النار مظلمة ، لهبها وجمرها وشررها ، وأنها سوداء ، كريهة المرأى{[1327]} ، شديدة الحرارة ، نسأل الله العافية منها [ من الأعمال المقربة منها ] .


[1327]:- في ب: كريهة المنظر.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ} (32)

ثم وصف النار فقال : " إنها ترمي بشرر كالقصر " الشرر : واحدته شررة . والشرار : واحدته شرارة ، وهو ما تطاير من النار في كل جهة ، وأصله من شررت الثوب إذا بسطته للشمس ليجف . والقصر البناء العالي . وقراءة العامة " كالقصر " بإسكان الصاد : أي الحصون والمدائن في العظم وهو واحد القصور . قاله ابن عباس وابن مسعود . وهو في معنى الجمع على طريق الجنس . وقيل : القصر جمع قصرة ساكنة الصاد ، مثل جمرة ، وجمر وتمرة وتمر . والقصرة : الواحدة من جزل الحطب الغليظ . وفي البخاري عن ابن عباس أيضا : " ترمى بشرر كالقصر " قال كنا نرفع الخشب بقصر ثلاثة أذرع{[15724]} أو أقل ، فنرفعه للشتاء ، فنسميه القصر ، وقال سعيد بن جبير والضحاك : هي أصول الشجر والنخل العظام إذا وقع وقطع . وقيل : أعناقه . وقرأ ابن عباس ومجاهد وحميد والسلمي " كالقصر " بفتح الصاد ، أراد أعناق النخل . والقصرة العنق ، جمعها قصر وقصرات . وقال قتادة : أعناق الإبل . قرأ سعيد بن جبير بكسر القاف وفتح الصاد ، وهي أيضا جمع قصرة مثل بدرة وبدر وقصعة وقصع وحلقة وحلق ، لحلق الحديد . وقال أبو حاتم : ولعله لغة ، كما قالوا حاجة وحوج . وقيل : القصر : الجبل ، فشبه الشرر بالقصر في مقاديره ، ثم شبهه في لونه بالجمالات الصفر ، وهي الإبل السود ، والعرب تسمي السود من الإبل صفرا ، قال{[15725]} الشاعر :

تلكَ خيلي منه وتلك رِكَابِي *** هُنَّ صُفْرٌ أولادُهَا كالزَّبِيبِ

أي هن سود . وإنما سميت السود من الإبل صفرا لأنه يشوب سوادها شيء من صفرة ، كما قيل لبيض الظباء : الأدم ؛ لأن بياضها تعلوه كدرة : والشرر إذا تطاير وسقط وفيه بقية من لون النار أشبه شيء بالإبل السود ، لما ينوبها من صفرة . وفي شعر عمران بن حطان الخارجي :

دَعَتْهُمْ بأعلَى صوتها ورَمَتْهُمُ *** بمثل الجِمَالِ الصُّفْرِ نزَّاعَةُ الشَّوَى

وضعف الترمذي{[15726]} هذا القول فقال : وهذا القول محال في اللغة ، أن يكون شيء يشوبه شيء قليل ، فنسب كله إلى ذلك الشائب ، فالعجب لمن قد قال هذا ، وقد قال الله تعالى : " جمالات صفر " فلا نعلم شيئا من هذا في اللغة . ووجهه عندنا أن النار خلقت من النور فهي نار مضيئة ، فلما خلق الله جهنم وهي موضع النار ، حشا ذلك الموضع بتلك النار ، وبعث إليها سلطانه وغضبه ، فاسودت من سلطانه وازدادت حدة ، وصارت أشد سوادا من النار ومن كل شيء سوادا ، فإذا كان يوم القيامة وجيء بجهنم في الموقف رمت بشررها على أهل الموقف ، غضبا لغضب الله ، والشرر هو أسود ، لأنه من نار سوداء ، فإذا رمت النار بشررها فإنها ترمي الأعداء به ، فهن سود من سواد النار ، لا يصل ذلك إلى الموحدين ؛ لأنهم في سرادق الرحمة قد أحاط بهم في الموقف ، وهو الغمام الذي يأتي فيه الرب تبارك وتعالى ، ولكن يعاينون ذلك الرمي ، فإذا عاينوه نزع الله ذلك السلطان والغضب عنه في رأي العين منهم حتى يروها صفراء ؛ ليعلم الموحدون أنهم في رحمة الله لا في سلطانه وغضبه . وكان ابن عباس يقول : الجمالات الصفر : حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حتى تكون كأوساط الرجال . ذكره البخاري . وكان يقرؤها " جمالات " بضم الجيم ، وكذلك قرأ مجاهد وحميد " جمالات " بضم الجيم ، وهي الحبال الغلاط ، وهي قلوس السفينة أي حبالها . وواحد القلوس : قلس . وعن ابن عباس أيضا على أنها قطع النحاس . والمعروف في الحبل الغليظ جمل بتشديد الميم كما تقدم في " الأعراف " {[15727]} . و " جمالات " بضم الجيم : جمع جمالة بكسر الجيم موحدا ، كأنه جمع جمل ، نحو حجر وحجارة ، وذكر وذكارة ، وقرأ يعقوب وابن أبي إسحاق وعيسى والجحدري " جُمالة " بضم الجيم موحدا وهي الشيء العظيم المجموع بعضه إلى بعض . وقرأ حفص وحمزة والكسائي " جمالة " وبقية السبعة " جمالات " قال الفراء : يجوز أن تكون الجمالات جمع جمال كما يقال : رجل ورجال ورجالات . وقيل : شبهها بالجمالات لسرعة سيرها . وقيل : لمتابعة بعضها بعضا . والقصر : واحد القصور . وقصر الظلام : اختلاطه ويقال : أتيته قصرا أي عشيا ، فهو مشترك ؛ قال{[15728]} :

كأنهُمُ قَصْراً مصابيحُ راهبٍ *** بمَوْزَنَ رَوَّى بالسَّلِيطِ ذُبَالُها

مسألة : في هذه الآية دليل على جواز ادخار الحطب والفحم وإن لم يكن من القوت ، فإنه من مصالح المرء ومغاني مفاقره . وذلك مما يقتضي النظر أن يكتسبه في غير وقت حاجته ؛ ليكون أرخص وحالة وجوده أمكن ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخر القوت في وقت عموم وجوده من كسبه ومال ، وكل شيء محمول عليه . وقد بين ابن عباس هذا بقوله : كنا نعمد إلى الخشبة فنقطعها ثلاثة أذرع وفوق ذلك ودونه وندخره للشتاء وكنا نسميه القصر . وهذا أصح ما قيل في ذلك والله أعلم .


[15724]:بنصب ثلاثة ويجوز إضافة بقصر إليها أي بقدر ثلاثة أذرع. ولفظ الحديث (النهاية قصر): (كما نرفع الخشب للشتاء ثلاث أذرع أو أقل، ونسميه القصر).
[15725]:هو الأعشى.
[15726]:في نسخة: اليزيدي. وهو تصحيف.
[15727]:راجع جـ 7 ص 207.
[15728]:قائله كثير عزة. وموزن كمقعد: بلد بالجزيرة.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ} (32)

ولما بين أن هذا الظل زيادة في العذاب ، وكان من المعلوم أنه لا يكون دخان إلا من نار ، قال مبيناً أنه لو كان هناك ظل ما أغنى : { إنها } أي النار التي دل عليها السياق { ترمي } أي من شدة الاستعار { بشرر } وهو ما تطاير من النار إذا التهبت ، واحدتها شرارة وهي صواعق تلك الدار { كالقصر * } أي كل شرارة{[70919]} منها كأنها{[70920]} قصر مشيد من عظمها وقيل : هو الغليظ من الشجر{[70921]} ، الواحدة قصرة مثل جمر وجمرة ، وهي اسم جنس جمعي لم يستعمل إلا في جمع فهو شامل لكثير الجموع وقليلها ، وكذا كل ما فرق بين واحدة وجمعه التاء وليس بجمع لأنه ليس بجمع سلامة وهو ظاهر ولا تكسير لأن{[70922]} أوزانه معروفة وليس منها{[70923]} فعل وليس بجنس ، فإنه لا يشمل{[70924]} ما دون الجمع ومن عظمة شرارها تعرف عظمة جمرها .


[70919]:من ظ و م، وفي الأصل: شرر.
[70920]:من ظ و م، وفي الأصل: كأنه.
[70921]:من ظ و م: الشجرة.
[70922]:من ظ و م، وفي الأصل: لا.
[70923]:من م، وفي الأصل: فيها، وفي ظ: بها.
[70924]:من ظ و م، وفي الأصل: يشمل.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ} (32)

قوله : { إنها ترمي بشرر كالقصر } الشرر ، جمع شررة وشرارة . وهي ما يتطاير من النار{[4724]} والقصر ، معناه الحصون الكبيرة العالية أي أن جهنم لهول اضطرامها وفظاعة تأججها يتطاير منها الشرر الهائل الذي يشبه القصر في علوه ومقاديره .


[4724]:مختار الصحاح ص 334.