وعند هذا الحد يكشف عن سندهم الوحيد في اعتقاد هذه الأسطورة المتهافتة التي لا تقوم على رؤية ، ومزاولة هذه العبادة الباطلة التي لا تستند إلى كتاب :
( بل قالوا : إنا وجدنا آباءنا على أمة ، وإنا على آثارهم مهتدون ) . .
وهي قولة تدعو إلى السخرية ، فوق أنها متهافتة لا تستند إلى قوة . إنها مجرد المحاكاة ومحض التقليد ، بلا تدبر ولا تفكر ولا حجة ولا دليل . وهي صورة مزرية تشبه صورة القطيع يمضي حيث هو منساق ؛ ولا يسأل : إلى أين نمضي ? ولا يعرف معالم الطريق !
والإسلام رسالة التحرر الفكري والانطلاق الشعوري لا تقر هذا التقليد المزري ، ولا تقر محاكاة الآباء والأجداد اعتزازاً بالإثم والهوى . فلا بد من سند ، ولا بد من حجة ، ولا بد من تدبر وتفكير ، ثم اختيار مبني على الإدراك واليقين .
الأولى- قوله تعالى : " بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة " أي على طريقة ومذهب . قاله عمر بن عبد العزيز . وكان يقرأ هو ومجاهد وقتادة " على إمة " بكسر الألف . والأمة الطريقة . وقال الجوهري : والإمة ( بالكسر ) . النعمة . والإمة أيضا لغة في الأمة ، وهي الطريقة والدين ، عن أبي عبيدة . قال عدي بن زيد في النعمة :
ثم بعد الفَلاح والمُلك والأ *** مَّة وارتْهُم هناك القبور
عن غير الجوهري . وقال قتادة وعطية : " على أمة " على دين ، ومنه قول قيس بن الخطيم :
كنا على أُمَّةِ أبائنا *** ويقتدي الآخرُ بالأَوَّلِ
قال الجوهري : والأمة الطريقة والدين ، يقال : فلان لا أمة له ، أي لا دين له ولا نحلة . قال الشاعر :
وقال مجاهد وقطرب : على دين على ملة . وفي بعض المصاحف " قالوا إنا وجدنا آباءنا على ملة " وهذه الأقوال متقاربة . وحكي عن الفراء على ملة على قبلة . الأخفش : على استقامة ، وأنشد قول النابغة :
حلفتُ فلم أترك لنفسك ريبةً *** وهل يأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ وهو طائعُ
الثانية- قوله تعالى : " وإنا على آثارهم مهتدون " أي نهتدي بهم .
قوله : { بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمّة } الأمة ، الطريقة والنحلة والدين . وذلك إقرار منهم بأنهم لا يملكون لقولهم برهانا ولا حجة . وليس لهم في إشراكهم مع الله أوثانا ، وزعمهم أن الملائكة بنات الله إلا التقليد الفاسد الأعمى . تقليد الآباء الغابرين ، فقد وجد هؤلاء آباءهم الأقدمين على ملة الوثنية والشرك وتقديس الأصنام فاتبعوهم وهو قوله : { وإنّا على آثارهم مهتدون } أي ونحن في ذلك نقتفي آثارهم ونتبعهم في عبادتهم وما كانوا به يدينون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.