وبعد بيان العاقبة والجزاء إجمالا للمهتدين والضالين ، يصور دقة الحساب والتقدير لكل فرد من هؤلاء وهؤلاء على حدة :
( ولكل درجات مما عملوا ، وليوفيهم أعمالهم ، وهم لا يظلمون ) . .
فلكل فرد درجته ، ولكل فرد عمله ، في حدود ذلك الإجمال في جزاء كل فريق .
وبعد ، فهذان النموذجان عامان في الناس ، ولكن مجيئهما في هذا الأسلوب ، الذي يكاد يحدد شخصين بذواتهما أوقع وأشد إحياء للمثل كأنه واقع .
ولقد وردت روايات أن كلا منهما يعني إنسانا بعينه . ولكن لم يصح شيء من هذه الروايات . والأولى اعتبارهما واردين مورد المثل والنموذج . يدل على هذا الاعتبار صيغة التعقيب على كل نموذج . فالتعقيب على الأول : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة . وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) . . والتعقيب على الثاني : ( أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس ، إنهم كانوا خاسرين ) . . ثم التعقيب العام : ( ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم ، وهم لا يظلمون ) . . وكلها توحي بأن المقصود هو النموذج المكرر من هؤلاء وهؤلاء .
قوله تعالى : " ولكل درجات مما عملوا " أي ولكل واحد من الفريقين المؤمنين والكافرين من الجن والإنس مراتب عند الله يوم القيامة بأعمالهم . قال ابن زيد : درجات أهل النار في هذه الآية تذهب سفالا ، ودرج أهل الجنة علوا . " وليوفيهم أعمالهم " قرأ ابن كثير وابن محيصن وعاصم وأبو عمرو ويعقوب بالياء لذكر الله قبله ، وهو قوله تعالى : " إن وعد الله حق " واختاره أبو حاتم . الباقون بالنون ردا على قوله تعالى : " ووصينا الإنسان بوالديه " وهو اختيار أبي عبيد . " وهم لا يظلمون " أي لا يزاد على مسيء ولا ينقص من محسن .
{ ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون }
{ ولكل } من جنس المؤمن والكافر { درجات } فدرجات المؤمنين في الجنة عالية ودرجات عالية ودرجات الكافرين في النار سافلة { مما عملوا } أي المؤمنون من الطاعات والكافرون من المعاصي { وليوفيهم } أي الله ، وفي قراءة بالنون { أعمالهم } أي جزاءها { وهم لا يظلمون } شيئاً ينقص للمؤمنين ويزاد للكفار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.