ثم . . لمسة جديدة ترتبط كذلك بالصفحة الكونية المعروضة . . اصبر وسبح واسجد . وأنت في حالة انتظار وتوقع للأمر الهائل الجلل ، المتوقع في كل لحظة من لحظات الليل والنهار . لا يغفل عنه إلا الغافلون . الأمر الذي تدور عليه السورة كلها ، وهو موضوعها الأصيل :
( واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب . يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج . إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير . يوم تشقق الأرض عنهم سراعا . ذلك حشر علينا يسير ) . .
وإنه لمشهد جديد مثير ، لذلك اليوم العسير . ولقد عبر عنه أول مرة في صورة أخرى ومشهد آخر في قوله : ( ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد . وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد . . )الخ .
ولما سلاه سبحانه عما يسمع منهم من التكذيب و-{[61262]} غيره من الأذى بالإقبال على عليّ حضرته والانتظار لنصرته ، أتبعه تعزية الإشارة فيها أظهر بما صوره يوم مصيبتهم وقربه حتى أنه يسمع في وقت نزول هذه الآية ما فيه لهم من المثلات وقوارع المصيبات ، تحذيراً لهم وبشرى لأوليائه بتمام تأييده عليهم ونصره لهم في الدنيا والآخرة فقال : { واستمع } أي اسمع بتعمدك للسمع بغاية جهدك بإصغاء سمعك وإقبال قلبك بعد تسبيحك بالحمد ما يقال لهم { يوم{[61263]} يناد المناد } لهم في الدنيا يوم بدر أول الأيام التي أظهر الله فيها لأوليائه مجده بالانتقام من أعدائه ، وفي الآخرة يوم القيامة في صورة{[61264]} النفخة الثانية وما بعده .
ولما كان المراد إظهار العظمة بتصوير تمام القدرة ، وكان ذلك يتحقق بإسماع البعيد من محل المنادي كما يسمع القريب سواء ، وكان القرب ملزوماً للسماع ، قال مصوراً لذلك : { من مكان } هو صخرة بيت المقدس { قريب } أي يسمع الصوت من بعد كما يسمعه من قرب ، يكونون في البقاع سواء لا تفاوت بينهم أصلاً .
قوله تعالى : { واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب 41 يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج 42 إنا نحن نحي ونميت وإلينا المصير 43 يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير 44 نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد } .
هذه آيات عجاب يتفجر منها التخويف والترهيب وتحمل في نظمها المميز ، وكلماتها المثيرة من أخبار القيامة وأهوالها وفظائعها ما يفزع القلوب ويزلزل الجسوم والأبدان ويهيج الرهبة والوجوم . أخبار مذهلة مثيرة ، وأحداث كونية عجاب تغشى الوجود كله عقب النفخة الثانية إيذانا بنهاية الدنيا وقيام الساعة . كل ذلك تحمله هذه الآيات الربانية بعباراتها النفاذة المصطفاة وأسلوبها الباهر المذهل الذي ينفذ إلى أعماق الإنسان فيهزه ويؤزّه ويرهبه . وفي ذلك يقول سبحانه : { واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب } أي استمع النداء أو الصيحة وهي صيحة القيامة ، وهي النفخة الثانية . والمنادي هو جبريل . وقيل : إسرافيل . وقيل : إسرافيل ينفخ في الصور ، وجبريل ينادي لاجتماع العالمين في المحشر . وذلك كله { من مكان قريب } أي سائر الأحياء يسمعون النداء أو الصيحة تصخ آذانهم صخا وتفرغ قلوبهم إفزاعا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.