ثم يأتي الإيقاع الأخير ختاما لهذا التقرير ؛ فإذا كل من في السماوت والأرض من خلائق قانتون لله طائعون .
( وله من في السماوات والأرض كل له قانتون ) . .
ولقد نرى أن الكثيرين من الناس لا قانتين لله ولا عابدين . ولكن هذا التقرير إنما يعني خضوع كل من في السماوات والأرض لإرادة الله ومشيئته التي تصرفهم وفق السنة المرسومة التي لا تتخلف ولا تحيد . فهم محكومون بهذه السنة ولو كانوا عصاة كافرين . إنما تعصى عقولهم وتكفر قلوبهم ولكنهم مع هذا محكومون بالناموس مأخوذون بالسنة ، يتصرف فيهم خالقهم وفق ما يريد تصرفه بباقي العبيد وهم لا يملكون إلا الخضوع والقنوت .
" وله من في السماوات والأرض " خلقا وملكا وعبدا . " كل له قانتون " روي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كل قنوت في القرآن فهو طاعة ) . قال النحاس : مطيعون طاعة انقياد . وقيل : " قانتون " مقرون بالعبودية ، إما قالة وإما دلالة . قاله عكرمة وأبو مالك والسدي . وقال ابن عباس : " قانتون " مصلون . الربيع بن أنس : " كل له قانتون " أي قائم يوم القيامة . كما قال : " يوم يقوم الناس لرب العالمين " {[12469]} [ المطففين : 6 ] أي للحساب . الحسن : كل له قائم بالشهادة أنه عبد له . سعيد بن جبير " قانتون " مخلصون .
ولما ذكر تصرفه في الظرف وبعض المظروف من الإنس والجن ، ذكر قهره للكل فقال : { وله } أي وحده{[52921]} بالملك الأتم { من في السماوات والأرض } أي كلهم ، وأشار إلى الملك بقوله : { كلٌّ له } أي وحده . ولما كان انقياد الجمع{[52922]} مستلزماً لانقياد المفرد دون{[52923]} عكسه جمع في قوله : { قانتون* } أي مخلصون في الانقياد ليس لأنفسهم ولا لمن سواه في الحقيقة والواقع تصرف بوجه ما إلا بإذنه{[52924]} ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : مطيعون طاعة الإرادة وإن عصوا أمره في العبادة - نقله عنه البغوي{[52925]} وغيره ورجحه الطبري وهو معنى ما قلت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.