في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (11)

( هذا خلق الله )وليتحداهم به ويتحدى دعواهم المتهافتة . . ( فأروني ماذا خلق الذين من دونه ? ) . . وليعقب على هذا التحدي في أنسب وقت : ( بل الظالمون في ضلال مبين ) . . وأي ضلال وأي ظلم بعد هذا الشرك ، في هذا المعرض الكوني الباهر الجليل ?

وعند هذا الإيقاع القوي يختم الجولة الأولى في السورة ذلك الختام المؤثر العميق .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (11)

قوله تعالى : " هذا خلق الله " [ مبتدأ وخبر . والخلق بمعنى المخلوق ، أي هذا الذي ذكرته مما تعاينون " خلق الله " ]{[12571]} أي مخلوق الله ، أي خلقها من غير شريك . " فأروني " معاشر المشركين " ماذا خلق الذين من دونه " يعني الأصنام . " بل الظالمون " أي المشركون " في ضلال مبين " أي خسران ظاهر . " وما " استفهام في موضع رفع بالابتداء وخبره " ذا " وذا بمعنى الذي . و " خلق " واقع على هاء محذوفة ، تقديره فأروني أي شيء خلق الذين من دونه ، والجملة في موضع نصب ب " أروني " وتضمر الهاء مع " خلق " تعود على الذين ، أي فأروني الأشياء التي خلقها الذين من دونه . وعلى هذا القول تقول : ماذا تعلمت ، أنحو أم شعر . ويجوز أن تكون " ما " في موضع نصب ب " أروني " و " ذا " زائد ؛ وعلى هذا القول يقول : ماذا تعلمت ، أنحوا أم شعرا .


[12571]:ما بين المربعين ساقط من ش.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (11)

ولما ثبت بهذا الخلق العظيم على هذا الوجه المحكم عزته وحكمته ، ثبتت ألوهيته فألزمهم وجوب توحيده في العبادة كما توحد بالخلق ، لأن ذلك عين الحكمة ، كما كان خلقه لهذا الخلق على هذا النظام ليدل عليه سبحانه سر الحكمة ، فقال ملقناً للمحسنين من حزبه ما ينبهون به المخالفين موبخاً لهم مقبحاً لحالهم{[53721]} في عدو لهم عنه مع علمهم بما له من التفرد بهذه الصنائع : { هذا } أي{[53722]} الذي تشاهدونه كله { خلق الله } أي{[53723]} الذي له جميع العظمة{[53724]} فلا كفوء له .

ولما كان العاقل بل وغيره لا ينقاد لشيء إلا أن رأى له فعلاً يوجب الانقياد له ، نبه على ذلك بقوله جواباً لما تقديره : فإن ادعيتم لما دونه مما عبدتموه من دونه خلقاً عبدتموه لأجله{[53725]} : { فأروني ماذا خلق الذين } زاد اسم الإشارة زيادة في التقريع بتأكيد النفي المقصود من الكلام ، ونبه على سفول رتبتهم بقوله {[53726]}مضمراً لأنه{[53727]} ليس فيما أسند إلى الاسم الأعظم حيثية يخشى من التقييد بها نقص : { من دونه } فسألهم في رؤية ما خلقوا إشارة إلى أنهم فعلوا معهم فعل من يعتقد أن لهم خلقا ، فالمعنى أنكم غبنتم غبنا ما غبنه{[53728]} أحد أصلاً {[53729]}بأن انقدتم لما لا ينقاد له حيوان فضلاً عن إنسان بكونه لا فعل له أصلاً{[53730]} ، فكان من حقكم - إن كانت لكم عقول - أن تبحثوا اولاً هل{[53731]} لهم أفعال أم لا ؟ ثم إذا ثبت فهل هي{[53732]} محكمة أم لا ، ثم إذا ثبت فهل شاركهم غيرهم أم لا ، وإذا ثبت أن غيرهم شاركهم فأيهما أحكم ، وأما أنكم تنقادون لهم ولا فعل لهم أصلاً ثم تقدرون أن{[53733]} لهم أفعالاً ترجونهم بها وتخشونهم ، فهذا ما{[53734]} لا يتصوره حيوان أصلاً ، ولذلك قال تعالى : { بل } منبهاً على أن الجواب : ليس لهم{[53735]} خلق ، بل عبدتهم أو أنتم في جعلهم شركاء ، هكذا كان الأصل ، ولكنه قال : { الظالمون } أي العريقون في الظلم ، تعميماً وتنبيهاً على الوصف الذي أوجب لهم كونهم { في ضلال } عظيم جداً محيط بهم { مبين } أي في غاية الوضوح ، وهو كونهم يضعون الأشياء في غير مواضعها ، لأنهم في مثل الظلام لا نور لهم لانحجاب شمس الإيمان عنهم بجبال{[53736]} الهوى فلا حكمة لهم .


[53721]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لهم.
[53722]:زيد من م ومد.
[53723]:زيد من ظ وم ومد.
[53724]:في ظ ومد: الكمال.
[53725]:في ظ ومد: من أجله.
[53726]:العبارة من هنا إلى "بها نقص" ساقطة من م.
[53727]:سقط من ظ.
[53728]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: غبنا.
[53729]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[53730]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[53731]:زيد من ظ وم ومد.
[53732]:سقط من ظ.
[53733]:سقط من ظ ومد.
[53734]:زيد من ظ وم ومد.
[53735]:في ظ: له.
[53736]:في ظ ومد: بخيال.