في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا} (17)

11

ويعقب على الردع بالوعيد الذي يبذل اليسر عسرا ، والتمهيد مشقة !

( سأرهقه صعودا ) . .

وهو تعبير مصور لحركة المشقة . فالتصعيد في الطريق هو أشق السير وأشده إرهاقا . فإذا كان دفعا من غير إرادة من المصعد كان أكثر مشقة وأعظم إرهاقا . وهو في الوقت ذاته تعبير عن حقيقة . فالذي ينحرف عن طريق الإيمان السهل الميسر الودود ، يندب في طريق وعر شاق مبتوت ؛ ويقطع الحياة في قلق وشدة وكربة وضيق ، كأنما يصعد في السماء ، أو يصعد في وعر صلد لا ري فيه ولا زاد ، ولا راحة ولا أمل في نهاية الطريق !

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا} (17)

قوله تعالى : " سأرهقه " أي سأكلفه . وكان ابن عباس يقول : سألجئه ، والإرهاق في كلام العرب : أن يحمل الإنسان على الشيء . " صعودا " ( الصعود : جبل من نار يتصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي كذلك فيه أبدا ) رواه أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم ، خرجه الترمذي وقال فيه حديث غريب . وروى عطية عن أبي سعيد قال : صخرة في جهنم إذا وضعوا عليها أيديهم ذابت فإذا رفعوها عادت ، قال : فيبلغ أعلاها في أربعين سنة يجذب من أمامه بسلاسل ويضرب من خلفه بمقامع ، حتى إذا بلغ أعلاها رمى به إلى أسفلها ، فذلك دأبه أبدا . وقد مضى هذا المعنى في سورة " قل أوحي{[15572]} " [ الجن : 1 ] وفي التفسير : أنه صخرة ملساء يكلف صعودها فإذا صار في أعلاها حدر في جهنم ، فيقوم يهوي ألف عام من قبل أن يبلغ قرار جهنم ، يحترق في كل يوم سبعين مرة ثم يعاد خلقا جديدا . وقال ابن عباس : المعنى سأكلفه مشقة من العذاب لا راحة له فيه ونحوه عن الحسن وقتادة . وقيل : إنه تصاعد نفسه للنزع وإن لم يتعقبه موت ، ليعذب من داخل جسده كما يعذب من خارجه .


[15572]:راجع ص 28 من هذا الجزء.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا} (17)

{ سأرهقه صعودا } الصعود العقبة الصعبة ، وروي : " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها عقبة في جهنم كلما صعدها الإنسان ذاب ثم يعود " ، فالمعنى سأشق عليه بتكليفه الصعود فيها .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا} (17)

ولما كان هذا محراً للتشوف إلى{[69768]} بيان هذا الردع ، وكان العناد غلظة في الطبع وشكاسة في الخلق يوجب{[69769]} النكد والمشقة جعل جزاءه{[69770]} من جنسه فقال : { سأرهقه } أي ألحقه بعنف وغلظة وقهر إلحاقاً يغشاه ويحيط به بوعيد لا خلف فيه { صعوداً * } {[69771]}أي شيئاً{[69772]} من الدواهي والأنكاد كأنه عقبة ، فإن الصعود لغة العقبة شاق المصعد جداً ، وروى الترمذي{[69773]} عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جبل من نار يتصعد فيه سبعين خريفاً ثم يهوي ، وفي رواية{[69774]} : أنه كلما وضع يده في معالجة الصعود ذابت ، فإذا رفعها عادت وكذا رجله ، وقال الكلبي : إنه صخرة ملساء في{[69775]} النار يكلف أن يصعدها{[69776]} بجذب من أمامه بسلاسل الحديد ، ويضرب من خلفه بمقامع{[69777]} الحديد فيصعدها في أربعين عاماً-{[69778]} ، فإذا بلغ ذروتها أسقط إلى{[69779]} أسفلها ثم يكلف أن يصعدها ، فذلك دأبه أبداً .


[69768]:في ظ بياض ملأناه من م.
[69769]:في ظ بياض ملأناه من م.
[69770]:من م، وفي ظ: جزاء.
[69771]:ما بين الرقمين بياض في ظ ملأناه من م.
[69772]:ما بين الرقمين بياض في ظ ملأناه من م.
[69773]:راجع الجامع 2/168.
[69774]:راجع المعالم 7/146.
[69775]:وإلى هنا انتهى الطمس في الأصل.
[69776]:من ظ و المعالم، وفي الأصل: مقامع.
[69777]:من ظ و م والمعالم، وفي الأصل: فصعد.
[69778]:زيد من ظ و م والمعالم.
[69779]:من م والمعالم، وفي الأصل و ظ: في.