في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَّا خَلۡقُكُمۡ وَلَا بَعۡثُكُمۡ إِلَّا كَنَفۡسٖ وَٰحِدَةٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ} (28)

وأمام هذا المشهد الخاشع يلقي بالإيقاع الأخير في هذه الجولة ؛ متخذا من ذلك المشهد دليلا كونيا على يسر الخلق وسهولة البعث :

( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة . إن الله سميع بصير ) . .

والإرادة التي تخلق بمجرد توجه المشيئة إلى الخلق ، يستوي عندها الواحد والكثير ؛ فهي لا تبذل جهدا محدودا في خلق كل فرد ، ولا تكرر الجهد مع كل فرد . وعندئذ يستوي خلق الواحد و خلق الملايين . وبعث النفس الواحدة وبعث الملايين . إنما هي الكلمة . هي المشيئة : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) . .

ومع القدرة العلم والخبرة مصاحبين للخلق والبعث وما وراءهما من حساب وجزاء دقيق : ( إن الله سميع بصير ) . .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{مَّا خَلۡقُكُمۡ وَلَا بَعۡثُكُمۡ إِلَّا كَنَفۡسٖ وَٰحِدَةٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ} (28)

قوله تعالى : " ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة " قال الضحاك : المعنى ما ابتداء خلقكم جميعا إلا كخلق نفس واحدة ، وما بعثكم يوم القيامة إلا كبعث نفس واحدة . قال النحاس : وهكذا قدره النحويون بمعنى إلا كخلق نفس واحدة ، مثل : " واسأل القرية " {[12621]} [ يوسف : 82 ] . وقال مجاهد : لأنه يقول للقليل والكثير كن فيكون . ونزلت الآية في أبي بن خلف وأبي الأسدين{[12622]} ومنبِّه ونبيه ابني الحجاج بن السباق ، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى قد خلقنا أطوارا ، نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ، ثم تقول إنا نبعث خلقا جديدا جميعا في ساعة واحدة ! فأنزل الله تعالى : " ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة " ، لأن الله تعالى لا يصعب عليه ما يصعب على العباد ، وخلقه للعالم كخلقه لنفس واحدة . " إن الله سميع " لما يقولون " بصير " بما يفعلون .


[12621]:راجع ج 9 ص 245 فما بعد.
[12622]:كذا في نسخ الأصل. وفي روح المعاني:" وأبي الأسود".