السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{مَّا خَلۡقُكُمۡ وَلَا بَعۡثُكُمۡ إِلَّا كَنَفۡسٖ وَٰحِدَةٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ} (28)

ولما ختم تعالى بهاتين الصفتين بعد إثبات القدرة على الإبداع من غير انتهاء ذكر بعض آثارها في البعث بقوله تعالى : { ما خلقكم } أي : كلكم في عزته وحكمته إلا كخلق نفس واحدة ، وأعاد النافي نصاً على كل واحد من الخلق والبعث على حدته بقوله تعالى : { ولا بعثكم } أي : كلكم { إلا كنفس } أي : كبعث نفس ، وبين الأفراد تحقيقاً للمراد تأكيداً للسهولة بقوله تعالى : { واحدة } فإن كلماته مع كونها غير نافذة نافذة وقدرته مع كونها باقية بالغة فنسبة القليل والكثير إلى قدرته على حدّ سواء ؛ لأنه لا يشغله شأن ، عن شأن ، ثم دل على ذلك بقوله تعالى : مؤكداً { إن الله } أي : الملك الأعلى { سميع } أي : بالغ السمع يسمع كل مسموع { بصير } أي : بليغ البصر يبصر كل مبصر لا يشغله شيء عن شيء .