الآية 28 وقوله تعالى : { ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة } قال بعضهم : ذكر هذا لأن نفرا من قريش قالوا للنبي : إن الله خلقنا أطوارا : نطفة ، علقة ، مضغة ، عظما ، لحما ، ثم تزعم أنا نبعث خلقا جديدا جميعا في ساعة واحدة . فقال عز وجل : { ما خلقكم ولا بعثكم } أيها الناس جميعا على الله في القدرة إلا كبعث نفس واحدة : { إن الله سميع } لقولهم الذي قالوه : إنا لا نبعث { بصير } بأمر الخلق والبعث .
وجائز أن يكون قال هذا لما قد أقروا ببعث [ نفس ]( {[16286]} ) واحدة لما انتهى إليهم الأخبار مما كان من الأمم السالفة من الإحياء بعد الممات ، وتواترت على ذلك .
من ذلك قوله : { ألم ترى إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم } [ البقرة : 243 ] [ وقولهم حين ]( {[16287]} ) قالوا : { أرنا الله جهرة } الآية [ النساء : 153 ] وقوله( {[16288]} ) : { ثم بعثناكم من بعد موتكم } [ البقرة : 56 ] وقوله : { فأماته الله مائة عام ثم بعثه } [ البقرة : 259 ] [ فكأنهم أقروا ]( {[16289]} ) ببعث هؤلاء لما تواترت الأخبار بذلك ، وأنكروا بعث سائرهم ، فقال : { ما خلقكم ولا بعثكم } جميعا { إلا } كبعث نفس واحدة ؛ [ إذا ثبت لواحدة ]( {[16290]} ) ففي الكل كذلك .
أو أن يذكر هذا لأن الأسباب إنما تختلف في الأمور على الخلق ، وتعسر لخصال ثلاث : إما لعجز أو لجهل أو لشغل .
فإذا كان الله سبحانه يتعالى عن أن يعجزه شيء ، أو يخفى عليه شيء ، أو يشغله شيء عن شيء صار( {[16291]} ) خلق الكل عليه وبعث الكل كخلق نفس واحدة وكبعث نفس واحدة .
أو أن يذكره( {[16292]} ) لأن الواحد والكل والقليل والكثير ما كان ، وما يكون تحت قوله : { كن فيكون } [ البقرة : 117و . . ] معبر [ عنه ]( {[16293]} ) ب : { كن } مترجم به من غير أن كان منه كاف أو نون . لكنه ذكر { كن } لأنه أوجز حرف في كلام العرب وأقصر كلام يترجم به من غير أن كان منه كاف أو نون ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { إن الله سميع بصير } كأنه قد كان من أولئك قول( {[16294]} ) أو كلام في ذلك ، حتى قال : { سميع } لذلك { بصير } بأحوال الخلق وبأمرهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.