في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَتُوبُواْ فَلَهُمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمۡ عَذَابُ ٱلۡحَرِيقِ} (10)

( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات - ثم لم يتوبوا - فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق . إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار . ذلك الفوز الكبير ) . .

إن الذي حدث في الأرض وفي الحياة الدنيا ليس خاتمة الحادث وليس نهاية المطاف . فالبقية آتية هناك . والجزاء الذي يضع الأمر في نصابه ، ويفصل فيما كان بين المؤمنين والطاغين آت . وهو مقرر مؤكد ، وواقع كما يقول عنه الله :

( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ) . . ومضوا في ضلالتهم سادرين ، لم يندموا على ما فعلوا ( ثم لم يتوبوا ) . . ( فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ) . . وينص على( الحريق ) . وهو مفهوم من عذاب جهنم . ولكنه ينطق به وينص عليه ليكون مقابلا للحريق في الأخدود . وبنفس اللفظ الذي يدل على الحدث . ولكن أين حريق من حريق ? في شدته أو في مدته ! وحريق الدنيا بنار يوقدها الخلق . وحريق الآخرة بنار يوقدها الخالق ! وحريق الدنيا لحظات وتنتهي ، وحريق الآخرة آباد لا يعلمها إلا الله ! ومع حريق الدنيا رضى الله عن المؤمنين وانتصار لذلك المعنى الإنساني الكريم . ومع حريق الآخرة غضب الله ، والارتكاس الهابط الذميم !

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَتُوبُواْ فَلَهُمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمۡ عَذَابُ ٱلۡحَرِيقِ} (10)

{ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ } أي : العذاب الشديد المحرق .

قال الحسن رحمه الله : انظروا إلى هذا الكرم والجود ، هم قتلوا أولياءه وأهل طاعته ، وهو يدعوهم إلى التوبة .

ولما ذكر عقوبة الظالمين ، ذكر ثواب المؤمنين ، فقال :

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَتُوبُواْ فَلَهُمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمۡ عَذَابُ ٱلۡحَرِيقِ} (10)

{ إن الذين فتنوا } عذبوا وأحرقوا ، { المؤمنين والمؤمنات } يقال : فتنت الشيء إذا أحرقته ، نظيره { يوم هم على النار يفتنون }( الذاريات- 13 ) ، { ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم } بكفرهم ، { ولهم عذاب الحريق } بما أحرقوا المؤمنين . وقيل : ولهم عذاب الحريق في الدنيا ، وذلك أن الله أحرقهم بالنار التي أحرقوا بها المؤمنين ، ارتفعت إليهم من الأخدود ، قاله الربيع بن أنس والكلبي .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَتُوبُواْ فَلَهُمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمۡ عَذَابُ ٱلۡحَرِيقِ} (10)

قوله تعالى : " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات " أي حرقوهم بالنار . والعرب تقول : فتن فلان الدرهم والدينار إذا أدخله الكور لينظر جودته . ودينار مفتون . ويسمى الصائغ الفتان ، وكذلك الشيطان ، وورق فتين ، أي فضة محترقة . ويقال{[15907]} للحرة فتين ، أي كأنها أحرقت حجارتها بالنار ، وذلك لسوادها . " ثم لم يتوبوا " أي من قبيح صنيعهم مع ما أظهره الله لهذا الملك الجبار الظالم وقومه من الآيات والبينات على يد الغلام . " فلهم عذاب جهنم " لكفرهم . " ولهم عذاب الحريق " في الدنيا لإحراقهم المؤمنين بالنار . وقد تقدم عن ابن عباس . وقيل : " ولهم عذاب الحريق " أي ولهم في الآخرة عذاب زائد على عذاب كفرهم بما أحرقوا المؤمنين . وقيل : لهم عذاب ، وعذاب جهنم الحريق . والحريق : اسم من أسماء جهنم ، كالسعير . والنار دركات وأنواع ولها أسماء . وكأنهم{[15908]} يعذبون بالزمهرير في جهنم ، ثم يعذبون بعذاب الحريق . فالأول عذاب ببردها ، والثاني عذاب بحرها .


[15907]:الحرة (بفتح الحاء المهملة): أرض ذات حجارة سود نخرة.
[15908]:في أ، ح، ز، ط، ل: وكانوا.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَتُوبُواْ فَلَهُمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمۡ عَذَابُ ٱلۡحَرِيقِ} (10)

{ إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات } إن كانت هذه الآية في أصحاب الأخدود فالفتنة هنا بمعنى الإحراق ، وإن كانت في كفار قريش فالفتنة بمعنى المحنة والتعذيب وهذا أظهر لقوله : { ثم لم يتوبوا } لأن أصحاب الأخدود لم يتوبوا بل ماتوا على كفرهم ، وأما قريش فمنهم من أسلم وتاب وفي الآية دليل على أن الكافر إذا أسلم يغفر له ما فعل في حال كفره لقوله صلى الله عليه وسلم : الإسلام يجب ما قبله .

{ ولهم عذاب الحريق } يحتمل أن يكون في الآخرة فيكون تأكيدا لعذاب جهنم أو نوعا من العذاب زيادة إلى عذاب جهنم ، ويحتمل أن يريد في الدنيا وذلك على رواية أن الكفار أصحاب الأخدود أحرقتهم النار .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَتُوبُواْ فَلَهُمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمۡ عَذَابُ ٱلۡحَرِيقِ} (10)

ولذلك قال مستأنفاً جواباً لمن يقول : فما{[72495]} فعل بهم ؟ مؤكداً لإنكار الكفار ذلك : { إن الذين فتنوا } أي خالطوا من الأذى بما لا تحتمله القوى فلا بد أن يميل{[72496]} أو يحيل في أي زمان كان ومن أي قوم كانوا { المؤمنين والمؤمنات } أي ذوي الرسوخ في وصف الإيمان .

ولما كانت التوبة مقبولة قبل الغرغرة {[72497]}ولو{[72498]} طال الزمان ، عبر بأداة التراخي فقال : { ثم لم يتوبوا } أي عن ذنوبهم وكفرهم . ولما كان سبحانه لا يعذب أحداً إلا بسبب ، سبب عن ذنبهم وعدم توبتهم قوله : { فلهم } أي خاصة لأجل كفرهم { عذاب جهنم } أي الطبقة التي تلقى داخلها بغاية الكراهة والتجهم ، هذا في الآخرة { ولهم } أي مع ذلك في الدارين لأجل فتنتهم لأولياء الله { عذاب الحريق * } أي العذاب الذي من شأنه المبالغة في الإحراق بما أحرقوا من قلوب الأولياء ، وقد صدق سبحانه قوله هذا فيمن كذب النبي صلى الله عليه وسلم بإهلاكهم شر إهلاك{[72499]} مغلوبين مقهورين مع أنهم كانوا قاطعين بأنهم غالبون{[72500]} كما فعل بمن كان قبلهم ، فدل ذلك على أنه على كل شيء قدير ، فدل{[72501]} على أنه يبدئ ويعيد .


[72495]:من ظ و م، وفي الأصل: ما.
[72496]:من ظ و م، وفي الأصل: يمهل.
[72497]:من ظ و م، وفي الأصل: فلو.
[72498]:من ظ و م، وفي الأصل: فلو.
[72499]:زيد في الأصل: وهم، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72500]:من م، وفي الأصل و ظ: غافلون.
[72501]:من م، وفي الأصل و ظ: ودل.