السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَتُوبُواْ فَلَهُمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمۡ عَذَابُ ٱلۡحَرِيقِ} (10)

ولما ذكر قصة أصحاب الأخدود أتبعها ما يتفرّع من أحكام الثواب والعقاب فقال تعالى : { إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات } أي : أحرقوهم بالنار ، يقال : فتنت الشيء إذا أحرقته ، والعرب تقول : فتن فلان الدرهم والدينار إذا أدخله الكور لينظر جودته . ونظيره { يوم هم على النار يفتنون } [ الذاريات : 7 ] . قال الرازي : ويحتمل أن يكون المراد : كلُّ مَنْ فَعَلَ ذلك . قال : وهذا أولى لأنّ اللفظ عامّ والحكم عامٌّ ، والتخصيص ترك للظاهر من غير دليل .

ولما كانت التوبة مقبولة قبل الغرغرة ولو طال الزمان عبر سبحانه بأداة التراخي فقال تعالى : { ثم لم يتوبوا } أي : عن كفرهم وعما فعلوا .

{ فلهم عذاب جهنم } أي : بكفرهم { ولهم عذاب الحريق } أي : عذاب إحراقهم المؤمنين في الآخرة ، وقيل : في الدنيا فأحرقتهم كما تقدّم ، ومفهوم الآية أنهم لو تابوا لخرجوا من هذا الوعيد ، وذلك يدل على أنّ الله تعالى يقبل التوبة من القاتل المتعمد خلاف ما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما .