اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَتُوبُواْ فَلَهُمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمۡ عَذَابُ ٱلۡحَرِيقِ} (10)

قوله : { إِنَّ الذين فَتَنُواْ المؤمنين والمؤمنات } : لما ذكر قصة أصحاب الأخدود ، أتبعها بما يتفرع من أحكام الثواب والعقاب ، فقال تعالى : { إِنَّ الذين فَتَنُواْ المؤمنين والمؤمنات } أي : حرقوهم بالنار ، والعرب يقولون : فتن فلان الدرهم والدينار إذا أدخله الكور لينظر جودته ، ودينار مفتون ، ويسمى الصائغ : فتّان ، وكذلك الشيطان ، وورق فتين ، أي : فضة محرقة ، ويقال للحرة : فتين ، وهي الأرض التي تركبها حجارة سوداء ، كأنما أحرقت حجارتها بالنار لسوادها .

وقال ابن الخطيب{[59778]} : يحتمل أن يكون المراد بالذين فتنوا : كل من فعل ذلك ؛ لأن اللفظ والحكم عام .

وقوله تعالى : { ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ } أي : من قبيح صنيعهم ، وهذا يدل على أنهم لو تابوا لخرجوا من هذا الوعيد ، وذلك يدلّ على القطع بأن الله يقبل التوبة ، فدلَّ على أن توبة القاتل عمداً مقبولة .

قوله : { فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ } . هو خبر «إنَّ الذينَ » دخلت الفاء لما تضمنه المبتدأ من معنى الشرط ، ولا يضر نسخه ب «إن » خلافاً للأخفش .

وارتفاع «عذاب » يجوز على الفاعلية بالجار قبله لوقوعه خبراً ، وهو الأحسن ، وأن يرتفع بالابتداء ، والمعنى : لهم عذاب جهنَّم لكفرهم .

وقيل : ولهم عذاب الحريق أي : ولهم في الآخرة عذابُ الحريق ، والحريق : اسم من أسماء جهنم كالسعير ، والنَّار دركات وأنواع ، ولها أسماء ، وكانوا يعذبون بالزَّمهرير في جهنم ، ثم يعذبون بعذاب الحريق .

والأول : عذاب ببردها .

والثاني : عذاب بحرِّها .


[59778]:ينظر: الفخر الرازي 31/111.