ثم يمضي في استكمال صورة ذلك الفريق : ( وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها )وهو مشهد فيه حركة ترسم هيئة المستكبر المعرض المستهين . ومن ثم يعالجه بوخزة مهينة تدعو إلى تحقير هذه الهيئة : ( كأن في أذنيه وقرا )وكأن هذا الثقل في أذنيه يحجبه عن سماع آيات الله الكريمة ، وإلا فما يسمعها إنسان له سمع ثم يعرض عنها هذا الإعراض الذميم . ويتمم هذه الإشارة المحقرة بتهكم ملحوظ : ( فبشره بعذاب أليم )فما البشارة في هذا الموضوع إلا نوع من التهكم المهين ؛ يليق بالمتكبرين المستهزئين !
{ وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم . }
ولى : أعرض عنها غير معتد بها .
وقرا : الوقر : الصمم كليا أو جزئيا وهو مانع من السماع .
فبشره : أعلمه وذكر البشارة للتهكم .
وإذا تقرأ على هذا الضال آيات الله أعرض عنها غير معتد بها ، متكبرا مبالغا في الكبر وحاله في ذلك حال من لم يسمعها وهو سامع كأن في أذنيه صمما وثقلا مانعا من السماع فأنذره يا أيها الرسول بالعذاب الأليم جزاء إعراضه عن آياتنا وتكبره عن الاستجابة لهدايتنا .
قال ابن كثير في تفسير الآية ما يأتي :
أي : هذا المقبل على اللهو واللعب والطرب ، إذا تليت عليه الآيات القرآنية ولى عنها وأعرض وأدبر وتصام وما به من صمم كأنه ما يسمعها لأنه يتأذى بسماعها إذ لا انتفاع له بها ولا أرب له فيها .
{ فبشره بعذاب أليم . } أي : يوم القيامة يؤلمه كما تألم بسماع كتاب الله وآياته .
قوله تعالى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } .
المراد بالمتولي المستكبر هو الذي يشتر يلهو الحديث لإضلال الناس به عن دين الله وعن صراطه القويم ؛ فهو إذا تليت عليه آيات الكتاب الحكيم وما تضمنه من معاني التذكير أو التحذير أو الترهيب { وَلَّى مُسْتَكْبِرًا } أي تولى عنها مدبرا إدبارا ، وأعرض عن سماعها مستكبرا استكبارا . أولئك هم المضلون من أهل الملاهي والمعازف والغناء المبتذل الفاجر ، فقد استغلقت قلوبهم أيما استغلاق ، واستعصت طبائعهم الكزّة على الاستجابة لكلمات الله ، أو الحنين لسماع الآيات الباهرة من آيات الذكر الحكيم . فهم بإيغالهم في اللهو الفاسد المحرم قد فسدت فيهم القلوب حتى حيل بينها وبين التأثر بكلمات القرآن ، فأدبروا منقلبين مستكبرين كأنهم لم يسمعوا شيئا . وهو قوله : { كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا }
الوقر ، بالفتح ، معناه الثقل في الأذن . وبالكسر ، الحمل{[3636]} أي كأن هذا المعرض المستكبر لم يسمع آيات الله كأن في أذنيه ثقلا وصمما فلا يستطيع السمع .
قوله : { فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي بشر هذا المعرض المستكبر الذي تولى مدبرا نافرا من سماع القرآن ، بالعذاب المهين يوم القيامة وهو عذاب النار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.