في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قِيلَ ٱدۡخُلِ ٱلۡجَنَّةَۖ قَالَ يَٰلَيۡتَ قَوۡمِي يَعۡلَمُونَ} (26)

ويوحي سياق القصة بعد ذلك أنهم لم يمهلوه أن قتلوه . وإن كان لا يذكر شيئاً من هذا صراحة . إنما يسدل الستار على الدنيا وما فيها ، وعلى القوم وما هم فيه ؛ ويرفعه لنرى هذا الشهيد الذي جهر بكلمة الحق ، متبعاً صوت الفطرة ، وقذف بها في وجوه من يملكون التهديد والتنكيل . نراه في العالم الآخر . ونطلع على ما ادخر الله له من كرامة . تليق بمقام المؤمن الشجاع المخلص الشهيد :

( قيل : ادخل الجنة . قال : يا ليت قومي يعلمون . بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) . .

وتتصل الحياة الدنيا بالحياة الآخرة . ونرى الموت نقلة من عالم الفناء إلى عالم البقاء . وخطوة يخلص بها المؤمن من ضيق الأرض إلى سعة الجنة . ومن تطاول الباطل إلى طمأنينة الحق . ومن تهديد البغي إلى سلام النعيم . ومن ظلمات الجاهلية إلى نور اليقين .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قِيلَ ٱدۡخُلِ ٱلۡجَنَّةَۖ قَالَ يَٰلَيۡتَ قَوۡمِي يَعۡلَمُونَ} (26)

13

{ قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون }

المفردات :

قيل ادخل الجنة : قيل له عند موته ادخل الجنة .

يا ليت قومي يعلمون : تمنى أن يعلموا بحاله وحميد عاقبته فيؤمنوا مثل إيمانه .

التفسير :

لقد قتله قومه ، وعذبوه عذابا أليما فقال له : الله تعالى عند خروج روحه مؤمنا بالله مجاهدا في سبيل الله ادخل الجنة مع الشهداء الأبرار الذي هم في حياة برزخية تسبح في الجنة وترد أنهارها وأشجارها وتتمتع بنعيم الجنة وخيراتها وظلالها ورحماتها .

وحين دخل هذا المؤمن الجنة ورأى نعيمها تمنى لقومه أن يعلموا هذا الثواب العظيم الذي آل إليه والنعمة الكبرى التي من الله بها عليه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قِيلَ ٱدۡخُلِ ٱلۡجَنَّةَۖ قَالَ يَٰلَيۡتَ قَوۡمِي يَعۡلَمُونَ} (26)

ولما كان من المعلوم - بما دل عليه من صلابتهم في تكذيبهم الرسل وتهديدهم مع ما لهم من الآيات - أنهم لا يبقون هذا الذي هو من مدينتهم وقد صارحهم بما إن أغضوا عنه فيه انتقض عليهم أكثر أمرهم ، لم يذكره تعالى عدّاً له عداد ما لا يحتاج إلى ذكره ، وقال جواباً لمن تشوف إلى علم حاله بعد ذلك بقوله إيجازاً في البيان ترغيباً لأهل الإيمان : { قيل } أي له بعد قتلهم إياه ، فبناه للمفعول وحذفه لأن المقصود القول لا قائله والمقول له معلوم : { ادخل الجنة } لأنه شهيد ، والشهداء يسرحون في الجنة حيث شاؤوا من حين الموت .

ولما كان الطبع البشري داعياً إلى محبة الانتقام ممن وقع منه الأذى بين سبحانه أن الأصفياء على غير ذلك الحال ، فقال مستأنفاً : { قال يا ليت قومي } أي الذين فيهم قوة لما يراد منهم ، فلو كانت قوتهم على الكفار لكانت حسنة { يعلمون * }